للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرآه نفرٌ منْ أهلِ مملكتِه، فلما أصبحَ قالَتْ أختُه: إنَّك قد صنعْتَ كذا وكذا، وقد رآك نفرٌ لا يسترون عليك، فدعا أهلَ الطمعِ وأعطاهم، ثُمَّ قالَ لهم: قد علمْتُم أنَّ آدمَ أنكحَ بَنِيهِ بناتَه، فجاءَ أولئِكَ الذين رأَوه فقالوا: ويلًا للأبعدِ، إنَّ في ظهرِك حدًّا للهِ، فقتلَهم أولئِك الذين كانوا عندَه، ثُمَّ جاءَتِ امرأةٌ، فقالَتْ له: بلْ قد رأيتُك، فقالَ لها: ويحًا لبغيِّ بَنيْ فُلانٍ، قالَتْ: أجلْ، واللهِ لقد كنْتُ بغيًّا ثُمَّ تبْتُ، فقتلَها، ثُمَّ أُسرِيَ على ما في قلوبِهم، وعلى كتبِهم فلم يصبحْ عندَهم شيءٌ» (١).

أما مَنْ لم يكنْ له كتابٌ، ولا شبهةُ كتابٍ، كعَبَدةِ الأصنامِ، والنيرانِ، والشمسِ، والقمرِ، والكواكبِ، ونحوِهم فلا تُعقدُ لهم الذِّمَّةُ، ولا تُقبلُ منهم الجزيةُ، بل يُقاتَلون حتَّى يُسلِموا، أو يُقتَلوا، قالَ تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ٥].

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَأَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ فِي كُلِّ حَوْلٍ، وَيُؤْخَذُ مِنَ الْمُتَوَسِّطِ دِينَارَانِ، وَمِنَ الْمُوسِرِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ»؛ لحديثِ محمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ الثقفيِّ رحمه الله: «وضعَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رضي الله عنه


(١) رواه الشافعي في «الأم» (٤/ ١٨٣)، وعبدُ الرزاقِ في «المصنَّفِ» (١٠٠٢٩)، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (١٨٤٣٠)، وفي «تحفة الحبيبِ على شرح الخطيبِ» (٥/ ١٦٢): «إنَّه أُرسلَ إليهم نبيٌّ يقالُ له: زَرَادُشْت، وكانَ له كتابٌ، فلما بدَّلوه رُفعَ، ومعنى كونِهم لهم شبهةُ كتابٍ؛ أنَّهم يزعمون أنَّ لهم كتابًا باقيًا، وليسَ كذلك».

<<  <   >  >>