للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدَثه المسلمون، وكذلك ما فتحوه عَنْوَةً، قالَ الشافعيُّ رحمه الله: «فإن كانوا في قريةٍ يملكونها منفردينَ لم نتعرضْ لهم في خمرِهم وخنازيرِهم ورفعِ بنيانِهم، وإن كانَ لهم بمصرِ المسلمين كنيسةٌ أو بناءٌ طائلٌ لبناءِ المسلمين لم يكنْ للمسلمين هدمُ ذلك، وتُركوا على ما وُجِدُوا، ومُنِعُوا إحداثَ مثلِه، وهذا إن كانَ المصرُ للمسلمين؛ أحيَوه أو فتحوه عَنْوةً، وشُرِطَ هذا على أهلِ الذِّمَّةِ، وإنْ كانوا فتحوا بلادَهم على صُلحٍ منهم على تركِهم ذلك خُلُّوا وإياه، ولا يجوزُ أن يُصَالَحُوا على أنْ ينزلوا بلادَ الإسلامِ يُحدِثوا فيها ذلك» (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَتَضَمَّنُ عَقْدُ الْجِزْيَةِ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ:

١ - أَنْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ»؛ أي: المتفقَ عليها؛ سواءٌ كانَتْ دينارًا أو أكثرَ.

٢ - «وَأَنْ تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ»، وذلك في غيرِ العباداتِ من حقوقِ الآدميينَ في المعاملاتِ، وغرامةِ المتلفاتِ، وكذا ما يعتقدون تحريمَه كالزنا والسرقةِ؛ دونَ ما لا يعتقدون تحريمَه، كشُربِ الخمرِ ونكاحِ المجوسِ، وقد فُسِّرَ الصَّغَارُ في قولِه تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]؛ بالتزامِ أحكامِ الإسلامِ، وجريانِها عليهم، يقولُ تقيُّ الدينِ الحصنيُّ رحمه الله: «أشدُّ الصَّغارِ على المرءِ أنْ يُحكمَ عليه بما لا يعتقدُه، ويُضطرَّ إلى احتمالِه» (٢).


(١) «مختصر المزني» (ص: ٣٦٤).
(٢) «كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار» (ص: ٥١٢).

<<  <   >  >>