وحتَّى لا يظهروا بمظهرِ التَّعالي والعزَّةِ أمامَ المسلمين.
تتمةٌ: يجوزُ للإمامِ عقدُ الهدنةِ معَ الكُفَّارِ، وتكونُ أربعةَ أشهرٍ إن كانَ بالمسلمين قوة، وكانَتِ المصلحةُ في عقْدِها؛ رجاءَ إسلامِهم، أو بذلِهم الجزيةَ، أو غيرِ ذلك منَ المصالحِ، فإنْ كانَ بالمسلمين ضعفٌ جازَتْ إلى عشرِ سنينَ فما دونَها؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم هادنَ صفوانَ بنَ أميةَ أربعةَ أشهرٍ عامَ الفتحِ رجاءَ إسلامِه، وكانَ المسلمون في قوةٍ، وهادنَ قريشًا عامَ الحديبيةِ عشرَ سنينَ، وكانَ بالمسلمين ضعفٌ، فإنْ زادَ الإمامُ المدةَ على أربعةِ أشهرٍ في الحالةِ الأولى، وعلى العشرِ في الحالةِ الثانيةِ؛ بطلَ العقدُ في الزائدِ (١).
تنبيهٌ: الجزيةُ نعمةٌ عُظمى تُسدَى لأهلِ الذِّمَّةِ, فإنَّ الكافرَ إذا قُتلَ على كفرِه ضاعَتْ عليه فرصةُ التوبةِ والدخولِ في الإسلامِ، ووجبَ عليه الخلودُ في النارِ، فشرعَ اللهُ تعالى الجزيةَ رجاءَ أنْ يُسلِمَ في المستقبلِ؛ لا سيَّما معَ اطِّلاعِه على محاسنِ الإسلامِ، فإذا لم يُسلمْ فقد حصَّلَ منفعةً دنيويَّةً، فالجزيةُ تعصمُ أرواحَ أهلِ الذِّمَّةِ، وتحفظُ أعراضَهم وأموالَهم, يقولُ القرافيُّ رحمه الله: «عقدُ الذمةِ يوجبُ حقوقًا علينا لهم؛ لأنَّهم في جوارِنا وفي خفارتِنا وذمةِ اللهِ تعالى وذمةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم ودينِ الإسلامِ، فمَنِ اعتدى عليهم ولو بكلمةِ سُوءٍ أو غِيبَةٍ في عِرضِ أحدِهم أو نوعٍ منْ أنواعِ الأذيةِ أو أعانَ على ذلك فقد ضيَّعَ ذمةَ اللهِ تعالى وذمةَ رسولِه صلى الله عليه وسلم وذمةَ دينِ الإسلامِ. وكذلك حكى ابنُ حزمٍ في (مراتبِ الإجماعِ) له أنَّ