للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبهتانِ، أو بإثارةِ الشُّبهاتِ، وإلا فأينَ هُم منْ هذهِ الأحكامِ والتشريعاتِ؟! وأينَ هم مما يفعلُه أهلُ الكفرِ من الممارساتِ الوحشيةِ في شتَّى بقاعِ الأرضِ باسمِ الاستعمارِ والتحريرِ؟! أينَ هُم منَ القتلِ والسلبِ والنهبِ وذبحِ الأطفالِ واغتصابِ النساءِ والفظائعِ والمظالمِ التي تحدثُ يوميًّا على مرأَى ومسمعِ العالمِ بأسرِه؟! أينَ هُم منَ الدمارِ والهلاكِ الذي تتورعُ عنه الوحوشُ في غابِها؟! هذا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ عندَما فتحَ مكةَ: «مَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ» (١).

يقولُ هذا لمَنْ أخرجوه مِن بلدِه، وتآمروا على قتلِه، وقد مكنَه اللهُ تعالى مِن رقابِهم، يقولُ: إنَّه لن يُقاتلَ إلا مَنْ حملَ السلاحَ، أمَّا مَن دخلَ دارَه فهو آمنٌ، ومَن خرجَ مِن دارِه ولم يحملْ سلاحًا فهو آمنٌ.

إنَّ الإسلامَ عندَما شرعَ الجهادَ إنَّما شرعَه لمقاصدَ عظيمةٍ، وغاياتٍ نبيلةٍ؛ منها: ردُّ العدوانِ، وحمايةُ الدعوةِ، لا لإكراهِ الناسِ على أنْ يتركوا أديانَهم ويعتنقوه، قالَ تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٥٦].

شرعَ اللهُ تعالى الجهادَ لإتاحةِ الفرصةِ للضعفاءِ الذين يريدونَ اعتناقَ الإسلامِ، ويمنعُهم المجرمون والظلمةُ ممَّنْ يسومونَهم سوءَ


(١) رواه مسلم (١٧٨٠).

<<  <   >  >>