للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ رضي الله عنه في وصيتِه الأخيرةِ عندَ موتِه للخليفةِ الذي سيأتي بعدَه: «وأوصيه بذِمَّةِ اللهِ وذمةِ رسولِه أن يُوفَّى لهم بعهدِهم، وأن يُقاتَلَ مِن ورائِهم، ولا يُكلَّفوا إلا طاقتَهم» (١).

وكتبَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي الله عنه لعاملِه على الجزيةِ: «إذا قدِمْتَ عليهم فلا تبيعَنَّ لهم كسوةً؛ شتاءً ولا صيفًا، ولا رزقًا يأكلونه، ولا دابةً يعملون عليها، ولا تضربَنَّ أحدًا منهم سوطًا واحدًا في درهمٍ، ولا تُقِمْه على رجلِه في طلبِ درهمٍ، ولا تبعْ لأحدٍ منهم عَرَضًا في شيءٍ منَ الخَراجِ؛ فإنَّا إنَّما أُمرْنا أنْ نأخذَ منهم العفوَ، فإنْ أنتَ خالفْتَ ما أمرتُك به يأخذْك اللهُ به دوني، وإنْ بلغَني عنك خلافُ ذلك عزلْتُك»، قالَ: إذنْ أرجِعَ إليك كما خرجتُ مِن عندَك، قالَ: «وإنْ رجعتَ كما خرجتَ» (٢).

وكتبَ خالدُ بنُ الوليدِ رضي الله عنه في عهدِ ذمتِه لأهلِ الحِيرةِ: أيُّما شيخٍ ضعُفَ عنِ العملِ، أو أصابتْه آفةٌ منَ الآفاتِ أو كانَ غنيًّا فافتقرَ وصارَ أهلُ دينِه يتصدقون عليه؛ طرحْتُ جزيتَه وعِيلَ من بيتِ مالِ المسلمين وعيالُه» (٣).

هذا هو الإسلامُ، وهذا هو الجهادُ، مهما حاولَ أعداءُ الإسلامِ والحاقدون عليه أن يُشوِّهوا صورتَه؛ سواءٌ كانَ بالكذبِ


(١) رواه البخاري (٢٨٨٧).
(٢) رواه أبو يوسفَ في الخراج (ص: ٢٥)، والعرَضُ: المتاعُ، والعفوُ: هو ما زادَ على الحاجةِ.
(٣) المصدر السابق (ص: ١٥٧ - ١٥٨).

<<  <   >  >>