للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البُدْنَ معقولةَ اليُسرى، قائمةً على ما بقيَ مِن قوائمِها» (١).

والسُّنَّةُ في البقرِ والغنمِ الذبحُ؛ لقولِه تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧]، قال تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: ١٠٧]؛ والمرادُ به الكبشُ الذي فُدي به إسماعيلُ - عليه السلام -، وذِبْحٌ بمعنى مَذْبُوحٍ، كرِزْقٍ بمعنى مَرْزُوقٍ.

والمعنى في نحرِ الإبلِ: أنَّه أسرعُ لخروجِ الرُّوحِ منها لطولِ عنقِها، وقياسُ هذا إلحاقُ كلِّ ما طالَ عنقُه بالإبلِ، كالنَّعامِ والإوَزِّ والبطِّ.

هذا -كما سبقَ- إذا كانَ الحيوانُ مقدورًا عليه، فإنْ لم يكنِ الحيوانُ مقدورًا عليه؛ لكونِه شاردًا مثلًا، أو متردِّيًا في بِئرٍ، أو غيرَ ذلك ممَّا لا يمكنُ معه الوصولُ إلى رقبتِه، فذكاتُه جَرحُه جُرحًا مزهقًا لروحِه في أيِّ موضعٍ من جسدِه، ودليلُ ذلك حديثُ رافعِ بنِ خَديجٍ رضي الله عنه قال: أصبْنا نهْبَ إبلٍ وغنمٍ، فندَّ منها بعيرٌ، فرماه رجلٌ بسهمٍ فحبسَه، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ فَافْعَلُوا بِهِ هَكَذَا» (٢).

قال الشافعيُّ رحمه الله: «والذَّكاةُ ذكاتان، فما قُدِرَ على ذكاتِه مما يحلُّ أكلُه فذكاتُه في اللَّبَّةِ والحلقِ، لا يحلُّ بغيرِهما؛ إنسيًّا كان أو


(١) رواه أبو داود (١٧٦٧).
(٢) رواه البخاري (٥١٩٠)، ومسلم (١٩٦٨)، وقولُه: «نهب»؛ أي: غنيمةٌ، و «ندَّ»؛ أي: نفرَ وذهبَ على وجهِه شاردًا، و «أوابدُ»: جمعُ آبدةٍ، وهي التي قد تأبَّدَتْ؛ أي: توحَّشَتْ ونفرَتْ منَ الإنسِ.

<<  <   >  >>