للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحشيًّا، وما لم يُقدَرْ عليه فذكاتُه أن يُنالَ بالسلاحِ حيثُ قُدرَ عليه؛ إنسيًّا كان أو وحشيًّا، فإن تردَّى بعيرٌ في نهرٍ أو بئرٍ فلم يقدرْ على مَنْحَرِهِ ولا مَذْبَحِهِ حيثُ يُذَكَّى فَطُعِنَ فيه بسكينٍ أو شيءٍ تجوزُ الذكاةُ به فأنهرَ الدمَ منه، ثُمَّ ماتَ أُكِلَ، وهكذا ذكاةُ ما لا يُقدرُ عليه. قد تردَّى بعيرٌ في بئرٍ فَطُعِنَ في شاكلتِه، فسُئلَ عنه ابنُ عمرَ رضي الله عنهما فأمرَ بأكلِه وأخذَ منه عَشِيرًا بدرهمينِ» (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَكَمَالُ الذَّكَاةِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ:

١ - قَطْعُ الْحُلْقُومِ»، وهو مجرى النَّفسِ.

٢ - «وَالْمَرِيءِ»، وهو مجرَى الطعامِ والشرابِ.

٣، ٤ - «وَالْوَدَجَيْنِ»، وهما العرقانِ الغليظانِ اللذان في صفحَتيِ العُنقِ.

وقطعُ هذه الأربعةِ كلِّها مستحبٌّ؛ لأنَّهُ أسهلُ وأسرعُ في خروجِ الرُّوحِ، فهو مِنَ الإحسانِ إلى الذبيحةِ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالْمُجْزِئُ مِنْهَا شَيْئَانِ: قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ»، المجزئُ في التذكيةِ منَ الأربعةِ السابقةِ شيئان، وهما: قطعُ الحلقومِ والمريءِ؛ لحديثِ رافعِ بنِ خديجٍ رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ» (٢)،


(١) «الأم» (٢/ ٢٦٢)، و «شاكلتُه»؛ أي: خاصرتُه، و «العَشير»: العُشْرُ، ومَن رواه بضمِّ العينِ وفتحِ الشينِ وحملَه على التصغيرِ فقد أخطأَ؛ لأنَّ التصغيرَ للتقليلِ والنقصانِ عنِ المقدارِ، وإذا نقصَ من تمامِ العُشْرِ شيءٌ لم يكنْ عشرًا.
(٢) رواه البخاري (٢٣٥٦)، ومسلم (١٩٦٨).

<<  <   >  >>