الحكمِ، يقولُ ابنُ حجرٍ رحمه الله في شرحِ هذا الحديثِ:«وفيه النَّهيُ عن الحكمِ حالةَ الغضبِ؛ لما يحصلُ بسببِه من التغيرِ الذي يختلُّ به النَّظرُ، فلا يحصلُ استيفاءُ الحُكمِ على الوجهِ، وعدَّاه الفقهاءُ بهذا المعنى إلى كلِّ ما يحصلُ به تغيُّرُ الفكرِ، كالجوعِ والعطشِ المفرِطَينِ، وغلبةِ النُّعاسِ، وسائرِ ما يتعلقُ به القلبُ تعلُّقًا يشغلُه عن استيفاءِ النَّظرِ»(١).
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَلَا يَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ كَمَالِ الدَّعْوَى، وَلَا يُحَلِّفُهُ إِلَّا بَعْدَ سُؤَالِ الْمُدَّعِي»، لا يسألُ القاضي المدَّعَى عليه الجوابَ إلا بعدَ فراغِ المدعِي مِن بيان دعواه، وكذلك لا يجوزُ للقاضي أنْ يُحلِّفَ المدَّعَى عليه إلا بعدَ طلبِ المدعِي تحليفَه؛ لأنَّ استيفاءَ اليمينِ مِن المدعَى عليه حقٌّ للمدَّعِي، فيتوقُف على إذنِه وطلبِه.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَلَا يُلَقِّنُ خَصْمًا حُجَّةً، وَلَا يُفْهِمُهُ كَلَامًا»، لا يلقنُ القاضي خصمًا من الخصومِ حجةً يستظهرُ بها على خَصمِه، ولا يُفهمُه كلامًا يعرفُ به كيفيةَ الدَّعوى وكيفيةَ الجوابِ أو الإقرارِ أو الإنكارِ؛ لما في ذلك من إظهارِ المَيلِ له والإضرارِ بخَصمِه.
قال أبو شجاعٍ رحمَه الله:«وَلَا يَتَعَنَّتُ بِالشُّهَدَاءِ»؛ أي: لا يَشُقُّ عليهم ويؤذيهم بالقولِ ونحوِه، كأنْ يهزأَ بهم، أو يعارضَهم في أقوالِهم، أو يُشدِّدَ عليهم في التعرفِ على كيفيةِ تحمُّلِهم