للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للشهادةِ، وهذا إذا كان ظاهرُ حالِهم الصدقَ، وكمالَ العقلِ؛ لأنَّ مثلَ ذلك ينفِّرُ من الشَّهادةِ وتحمُّلِها أو أدائِها، والناسُ في حاجةٍ إليها، قال تعالى: {ولا يضارَ كاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإن تَفْعَلُوا فَإنَّه فسوقٌ بِكمْ} [البقرة: ٢٨٢].

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يَقْبَلُ الشَّهَادَةَ إِلَّا مِمَّنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ»، وتثبتُ العدالةُ بمعرفةِ القاضي للشاهدِ، أو بتزكيةِ عدلَينِ له عندَه.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ، وَلَا شَهَادَةُ وَالِدٍ لِوَلَدِهِ، وَلَا وَلَدٌ لِوَالِدِهِ»، وذلك لتُهمةِ التَّحاملِ على العدوِّ، والمحاباةِ للوالدِ أو الولدِ، والأصلُ في ردِّ الشهادةِ للتهمةِ حديثُ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّصلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا زَانٍ وَلَا زَانِيَةٍ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ» (١).

وفي روايةٍ لعائشةَرضي الله عنها: «وَلَا ظَنِينٍ فِي وَلَاءٍ وَلَا قَرَابَةٍ» (٢).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ قَاضٍ إِلَى قَاضٍ آخَرَ فِي الْأَحْكَامِ إِلَّا بَعْدَ شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ بِمَا فِيهِ»، إذا حكم قاضٍ على غائبٍ، وكتب إلى القاضي الذي في بلدِه بما حكمَ به ليُنفذَه عليه، اشترط أنْ يشهدَ على الكتابةِ شاهدَينِ، يشهدانِ أمامَ القاضي المكتوبِ إليه بمضمونِ الكتابِ.


(١) رواه أحمد (٦٦٩٨)، وأبو داود (٣٦٠١)، وابن ماجه (٢٣٦٦)، وسندُه حسنٌ، والغِمرُ: الحقدُ.
(٢) رواه الترمذي (٢٢٩٨)، والظنينُ: المتهمُ.

<<  <   >  >>