فالعملُ القليلُ يُباحُ للحاجَة، وأمَّا الكثيرُ فيُبْطِلُ الصَّلاةَ، والمَرْجِعُ في معرفةِ القلَّةِ والكثرةِ هو العُرْفُ والعادةُ، فما يَعُدُّهُ النَّاسُ قليلًا فقليلٌ، وما يَعُدُّونَهُ كثيرًا فكثيرٌ، فالخَطوتانِ المتوسِّطتانِ، والضَّربتانِ، ونحوُهُما قليل، والثَّلاثُ مِن ذلك أو غَيْرِه كثيرٌ إنْ توالت، سواءٌ أكانتْ مِن جنسِ الخَطواتِ، أمْ أجناسٍ؛ كخَطوةٍ، وضَرْبةٍ، وخلعِ نعل، وسواءٌ أكانتِ الخَطواتُ الثَّلاثُ بقدرِ خَطوةٍ واحدةٍ أمْ لا، كما تَبْطُلُ الصَّلاةُ بالفعلةِ الفاحشةِ؛ كالوثبةِ لمنافاتِها للصَّلاةِ، ويُستثنى مِن ذلك صلاةُ الخوفِ في القِتالِ فيُحْتَمَلُ فيها الرَّكضُ والعَدْوُ عندَ الحاجَةِ؛ كما سيأتي إنْ شاءُ اللهُ تعالى.
٣ - «وَالْحَدَثُ»؛ لحديثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»(١).
٤ - «وَحُدُوثُ النَّجَاسَةِ»؛ لقولِه تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر: ٤]، ولأنَّ إزالةَ النَّجاسةِ مِنَ الطَّهارةِ الَّتي هي شرطٌ لصحَّةِ الصَّلاةِ؛ كما سَبَقَ، فإنْ وَجَدَ نَجاسةً فَأَزالَها في الحالِ صحَّتْ صلاتُه؛ لحديثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: بينما رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يصلِّي بأصحابِه إذ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُما عن يسارِه، فلمَّا رأى ذلك القومُ أَلْقَوْا نعالَهُم، فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صلاتَه، قال:«مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟»، قالوا: رأيناك أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فأَلْقَيْنَا نِعالَنا، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ جِبْرِيلَ - عليه السلام - أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ