فأبى عمرو إلا لجاجاً، فأسره جعفر، ثم أحسن إليه وأطلقه. فجاءه عمرو بعد ذلك بهدية احتفل فيها شكراً على ما صنعه معه، فقبلها جعفر، وأنس به، وأحضره شرابه. فلما سكر جعفر ملك اليمامة قتله عمرو. وكان عمرو قد عشق ابنته جدجاد فطلبها حينئذ، وكانت بلقيس ملكة اليمن قد هربت من ذي الأذعار، واستجارت بجعفر، فتحيلت على عمرو بن عباد حتى قتله كما تقدم في تاريخ بلقيس.
وملكت جدجاد بنت جعفر بن قرط اليمامة، وكان قومها قد طردوا طسماً وجديسا إلى بريتهما، فلما سمعوا ما جرى على جعفر، وأن الملك في يد امرأة عادوا إلى الحرب حتى أخذوا اليمامة، وانقرض ملك بني هزان.
(وذكر صاحب التيجان أن جعفر بن قرط هو القائل وقد بلغ ثلاثمائة سنة:
إن الليالي أسرعت في نقضي ... أكلن بعضي وتركن بعضي
[الأعقب بن هزان]
ذكر صاحب التيجان أنه كان من شعرائهم، وأنشد له قوله حين تحارب بنو هزان مع جديس على أرض عدن، فانهزم بنو هزان إلى اليمامة:
قد غرنا من دهرنا طول المنى ... وشتت الله علينا شملنا)