كان لا يولد له، فخافت من انقطاع الملك عن عقبه فتحيلت في ولادته من غيره. فتعجب من القوم، وأحضرهم وسألهم عما ترك لهم أبوهم فأخبروه، فقال أفعى نجران: القبة والخاتم لمضر وإليه حكومتهم، والحلة الشمطاء والعصا لإياد وإليه أمر حاشيتكم، ولربيعة القنا واللواء والفرس وإليه أمر حريمكم، وأما أنمار صاحب الحمار فاحملوا عليه كل فادح؛ فإن الحمار يحمل الأثقال، وهو صاحب خدمة الدنيا.
ثم نظر في القلال، فوجد في قلة إياد تقليم الأظفار، فقال له: خذ ما لأبيك من عبد وأمة. ووجد في قلة مضر قطعة من ذهب وفضة، فحكم له بالذهب والفضة. ووجد في قلة ربيعة قطعة من حافر، فحكم له بذوات الحافر. ووجد في قلة أنمار ظلفا، فحكم له بذات الظلف والخف. فتراضوا بحكمه، وقبل إياد الشمطاء، ومضر الحمراء، وربيعة الفرس، وأنمار الحمار.
[تفرق بني نزار من الحرم]
ذكر صاحب تواريخ الأمم أن العدنانية كانت في أول أمرها تؤرخ من نزول إسماعيل بالحرم، ثم صارت تؤرخ بتفرق بني نزار من الحرم. وكذلك ذكر البيهقي، وأخبر أن بني نزار الأربعة المذكورين لما رجعوا إلى مكة غلب على الرياسة وسدانة البيت مضر بن نزار، وعلاصيته في العرب؛ وكان إياد أكبر منه، فلم تحمل نفسه أن يقيم تحت رياسته، فخرج بولده وأهله إلى أرياف العراق والجزيرة، فتناسلوا هنالك؛ وسيذكر تاريخهم.