قال الحارث بن مضاض: ثم وليت بعد أخي عمرو. وسرت إلى بني إسرائيل والروم وأهل الشام في مائة ألف من جرهم، ومائة ألف من العمالقة، فهزمتهم. وكانوا قد زحفوا إلي بتابوت داود الذي فيه السكينة فألقوه، فأخذته العمالقة وجرهم، ودفنوه في مزبلة، فاستخرجته ودفعته للهميسع بن نبت بن قيدار بن إسماعيل عليه السلام.
وذكر حكاية طويلة في استبقاء برة قاتلة أخيه عمرو، وتلخيصها: أن سبب ذلك كان حملها بمضاض بن عمرو إلى أن ولدته، فنشأ وليس بمكة أجمل منه، فمات من العشق.
قال صاحب الكمائم: والحارث بن مضاض هذا هو الذي يضرب به المثل في طول الغربة.
قال صاحب التيجان: ثم إن جرهم هلكت بالوباء في مدة الحارث بن مضاض، فخرج الحارث هارباً يجول في الأرض، فجال فيها ثلاثمائة عام، فضربت العرب به الأمثال؛ قال أبو تمام:
غربة تقتدي بغربة قيس ب ... ن زهير والحارث بن مضاض
قال: وطال عمر الحارث حتى اجتمع بإياد بن نزار حين تغرب إياد من مكة بالإبل التي حصلت له في الوراثة. وتعيش بكرائها، فاكتراها من الشام إلى المدينة. قال: