فرغب منه أن يمهله إلى غد ذلك اليوم، فلما كان الليل فر بأصحابه إلى القسطنطينية وتنصر. وقال بعد ذلك:
تنصرت الأشراف من أجل لطمة ... وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
تكنفني فيها لجاج ونخوة ... وبعت لها لعين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمي لم تلدني وليتني ... رجعت إلى الأمر الذي قاله عمر
ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة ... وكنت أسيراً في ربيعة أو مضر
ولما جاء رسول عمر رضي الله عنه إلى هرقل بالقسطنطينية اجتمع بجبلة - وهو في رفاهية عظيمة كما يكون الملوك، والجواري تغنيه بشعر حسان بن ثابت، وكان مداحا له في الجاهلية - فدعاه ذلك الرسول إلى الإسلام، فقال: إن كنت تضمن لي زواج بنت عمر، والأمر من بعده، رجعت إلى الإسلام. فضمن له التزويج ولم يضمن له الأمر ثم سأله عن حسان الشاعر، فأمر له بكسوة وجمال موقرة براً، وقال: إن وجدته حياً فادفع إليه الهدية، وإن وجدته ميتاً فادفع إلى أهله، وانحر الجمال على قبره.