ودفن جفنة أول ملوكهم بالبريص، وهي قرية عند وادي الشقراء بظاهر دمشق. ولذلك يقول حسان فيهم:
لله در عصابة نادمتهم ... يوماً بجلق في الزمان الأول
أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى يصفق بالرحيق السلسل
وبردى: نهر دمشق.
قال: وبالبريص كان قصر ملكهم، ثم استحسنت الروم دمشق، فأخذتها منهم، وصارت متنزها لملوكهم. وأخرجتهم إلى عمان مدينة البلقاء، فتولوها، ونزلوا اليرموك من حوران، والجولان، وصيداء، وجبلة، وترددوا في هذه الأماكن إلى أن جاء الإسلام. وكان آخر ملوكهم جبلة، فانقرضت دولتهم، وصار كثير من فرسان غسان إلى بلاد الروم وتنصروا، وورث الأرض من العرب غيرهم، إلى أن استقر بها الآن العرب المعروفون بالأمراء من بني طيء.