الحارث بالليل ودفعه إلى الهميسع، فتوارثوه بنوه بعده، وجاء الحارث الهميسع بمفتاح البيت لما كبر.
ثم إن جرهم والعمالقة أخذهم الوباء فهلكوا وتفانوا، وكبر بنو إسماعيل فأظهرهم الله، وولوا البيت وبقي ضم الملك، فرأى الحارث بن مضاض الذي في نفسه، وأيقن لدولة جرهم بالإبادة، ولدولة بني إسماعيل بالإقبال، فخرج من مكة على وجهه، وكانت غربته المشهورة.
وقد تقدم في دولته من ولي بعد الحارث، وأن أمرهم انقرض عن قرب وتغلب عليهم بنو إسماعيل، ولم يبقوا جرهميا ولا عمليقيا بالحرم، وصارت السدانة والسلطنة للهميسع.
قال البيهقي: وكان اسمه زندا _ بالنون _ فلقبوه الهميسع، وهي السلطان عندهم، كما أن السميدع سلطان العمالقة.
قال: والهميسع أول من قال الشعر من بني إسماعيل، علمه ذلك الحارث بن مضاض، فرويت عنه قصيدة يذكر فيها طغيان جرهم والعمالقة في الحرم، وكيف أبادهم الله، وشتت شملهم، وأولها:
سلوا من بقي عمن مضى فهو مخبر ... لقد كفروا في بيته وتجبروا
صبرنا فنلنا الملك بعد فنائهم ... كذلك عقبى من يتوق فيصبر