وكان قد أعطاه الله كل لسان يكلم به جميع من يمر عليه، فبلغ يأجوج ومأجوج فقاتلهم فغلبهم، وأتى منه بأمة يقال لهم: بنو علجان بن يافث، فتركهم في ناحية منقطعة، ومضى إلى الشمال فسموا الترك، وبلغ في الشمال الأرض الهامدة فافتتحها - وهي أرض مبسوطة لا تلعة فيها ولا رابية - ثم بلغ جزائر البحر الزوراء التي تزاور عنها الشمس عند طلوعها، فوجد عندها قوماً صغار الوجوه مشعرين كأنهم قرود، لا يظهرون إلا بالليل، ثم وجد قوماً من يأجوج سوداً وجوههم كوجوه الخنازير، وهم في مطلع الشمس لا يظهرون إلا بالليل من شدة الحر، كما قال تعال:" [ثم أتبع) سببا. حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا".
ثم ركب البحر المحيط فسار فيه حولا كاملا حتى ترك الشمس عن يمينه. ولجج الظلمات، فوصل إلى أرض بيضاء كالثلج لا ينبت فيها شيء، وعليها ضوء كضوء الشمس يخطف الأبصار، وهي أرض الفضة البيضاء. فلم تستطع الدواب [أن] تمشي عليها، فسار وحده أياماً حتى بلغ إلى دار بيضاء وعليها رجل أبيض واقف، فقال له: أين تريد يا ذا القرنين؟ لم تكفك أرض الجن والأنس حتى انتهيت إلى أرض الملائكة؟ وكان على سطح الدار رجل قد أخذ في فمه شيئاً كقرن، أراد الله بذلك أن يري ذا القرنين كيف ينفخ إسرافيل في الصور، وأعلمه بذلك الملك، وقال له: ارجع فليس لك من مدخل. وأعطاه عنقوداً من عنب أكل منه جميع عسكره ولم ينقص منه