للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما سارت بلقيس إلى جعفر وجدته بحصنه المشهور بنهر الحفيف، فأقامت عنده. فاتفق أن حضر شرابه عمرو بن عباد الأودي الفاتك، فاغتاله وقتل الملك. وكان عمرو قد عشق بنته جدجاد بنت جعفر، فكرهت أن تكون عند قاتل أبيها، وأخذت في ذلك مع بلقيس. فقالت لها: دعيني أسر إليه عوضك؛ فقالت: شأنك وإياه! فأخذت معها مدية وأخفتها في قرون شعرها، فلما عزم على مباشرتها قتلته بتلك المدية، وردت الملك إلى أهله.

فشكروا لها ذلك، وسعوا في الإصلاح بينها وبين ذي الأذعار، وبنوا الأمر معها في الحقيقة على الحيلة: فأخذوا معه أن يتزوجها، ويرجع الملك كله إليه، فاغتر بذلك، وصنعت معه مثل صنيعها مع عمرو الأودي. ولما قتلته استولت على جميع الملك، واستبشر بها أهل اليمن؛ لأن ذا الأذعار كان ظلوماً جباراً، وكانت مدته قد طالت مائة وخمساً وعشرين سنة.

قال: "ثم غلبت بلقيس على بابل وغيرها، وطار ذكرها، وعلا أمرها. وكانت لا أرب لها في الرجال، ووجدها سليمان عذراء".

وكان أهل اليمن قد طغوا وتجبروا وكفروا واشتغلوا بعبادة الشمس، فأرسل الله إليهم سليمان عليه السلام، فسار والريح تنقل بساطه "غدوها شهر ورواحها

<<  <   >  >>