فانتصر لهم، وخرج في جيش. فلما كان من اليمامة على ثلاث مراحل، قال له رياح: إن لي أختا مزوجة في جديس، يقال لها: اليمامة، فليقطع كل رجل منهم شجرة فيجعلها أمامه؛ ففعلوا لك. وأبصرتهم وقالت لجديس: الله أكبر! لقد سارت حمير! فكذبوها، قالت: إني أرى رجلا في شجرة، ومعه كتف يتعرقها أو نعل يخصفها. فقالوا: خرفت! ولم يلتفتوا إليها.
فصحبهم حسن فأبادهم، وفقأ عين زرقاء اليمامة المذكورة، فوجد فيها الاثمد، وهو الذي كان يعينها على حدة النظر مع ما ركب الله فيها من قوة البصر. وصار الملك إلى [طسم] ، ثم غلبت عليها بنو حنيفة من العرب المستعربة، ولم يبق منهم باقية.
وقد ذكر ابن فارس في أمثاله أن زرقاء اليمامة من جديس، وأنها ملكت اليمامة.
وقال البيهقي: ذكر في بعض الروايات أنها ملكت اليمامة بعد طسم، وهي أول من ملك من جديس، اختاروها لحكمتها وفضلها، وفيها يقول النابغة الذبياني:
احكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمام شراع وارد الثمد