للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتقوا الله وقطع الأرحام. وهذا ما يسمى بعطف الخاص على العام، ومثل هذا العطف جائز سماعا وقياسا (١). وقال ابن جني في توجيه قراءة حمزة: (ليست هذه القراءة عندنا من الإبعاد والفحش والشناعة والضعف على ما رآه فيها وذهب إليه أبو العباس (٢)، بل الأمر فيها دون ذلك وأخف وألطف؛ وذلك أنّ لحمزة أن يقول لأبي العباس: إنني لم أحمل (الأرحام) على العطف على المجرور المضمر بل اعتقدت أن تكون فيه باء ثانية حتى كأني قلت: (وبالأرحام) ثم حذفت الباء لتقدم ذكرها) (٣).

ومن نظائر هذه القراءة ما ورد في قوله تعالى: ومن وراء إسحاق يعقوب [هود/ ٧١] حيث قرأ الشامي وحمزة وحفص (يعقوب) بالنصب وقرأ الباقون بالرفع على الباء (٤). فقراءة حمزة هنا، قال عنها الفراء إنه نوى بها الخفض ولا يجوز الخفض إلّا بإظهار الباء (٥). ولم يجوّز ابن جنى الفصل بين الجار والمجرور وجعله أصعب من الفصل بين المضاف والمضاف إليه، وقال: (وإنما كانت الآية أصعب مأخذا من قبل أنّ حرف العطف منها الذى هو الواو ناب عن الجار الذى هو الباء في قوله تعالى: إسحاق. وأقوى أحوال حرف العطف أن يكون في قوة العامل قبله وأن يلي من العمل ما كان الأول يليه، والجار لا يجوز فصله من مجروره) (٦). وذكر مكي أنّ ما قاله الفرّاء إنما هو مذهب الكسائي قبله (٧)، وإليه ذهب أبو علي، وقال: (فلا يخلو أن تعطفه على الباء الجارة كأنه أراد أنها بشّرت بهما) (٨).

٢٥ - العطف على الضمير المنصوب: أجاز ابن مالك وابن عقيل عطف الاسم


(١) مشكل إعراب القرآن ١/ ١٨٧، والإنصاف في مسائل الخلاف ٢/ ٤٦٣.
(٢) يقصد المبرّد.
(٣) الخصائص ١/ ٢٨٥.
(٤) الكنز/ ٤٤٣.
(٥) معاني القرآن ٢/ ٢٢.
(٦) الخصائص ٢/ ٣٩٥.
(٧) مشكل إعراب القرآن ١/ ٣٦٩.
(٨) المسائل العسكريات/ ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>