للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يلاعب أطراف الرماح كأنه ... صبي مع الولدان بالجوز مستد (١)

يَخال مَجال الْحَرب وجه صحيفة ... تسطرها خيل اللقا بالتطرد

فينقط مدفاع ويشكل صارم ... ويكتب رمح الخط خط مُجود

فأين مساعير الوغا وفوارس اللـ ... ـقا ومصابيح العجاج المعقد؟ (٢)

وأين الألى صوت الصريخ إليهمُ ... ألذ وأشهى من سلافة صرخد؟ (٣)

وأين الألى قد الجسوم عليهمُ ... هباء إذا ما العرض غير مقدد (٤)

فما لَهمُ ناموا عن الدين وارتضوا ... بدون حياة في هوان معبد

وما لَهمُ لَم يثأروه وقد هوى ... به الكفر مطلول الدماء ولَم يد (٥)

لقد حق للإسلام إذ مات أهله ... وخلوه أن يدعو بويل مردد

فقدس أرواح بِهم عز ركنه ... ونام إلى جنب المهدي الموسد (٦)

وأخصب مرعاه وأشكر ضرعه ... وعاش بِهم في خفض عيش مرغد (٧)

بأسيافهم طال الهدى فتعززت ... جوانبه بالنصر في كل مشهد

تروح وتغدو كل يوم بشارة ... عليه بفتح أو بِملك مُجدد

إلى أن علا في الشرق والغرب كعبه ... وحل حلول الشمس في كل معهد

وكرت جيوش الصبح منه ففر إذ ... بدا كل جيش من دجى الكفر أسود

وأهلك حزب الله حزب عدوه ... وطهرت الأرجاء من كل مُلحد

أولئك قد باعوا الإله نفوسهم ... فلم يستقيلوا بالنعيم الموبد

إلى آخرها (٨).

أحس أن هذا القدر كاف في أن الأدب السوسي موجود وجودا حقيقيّا بلا مرية في هذا الطور أيضا، ثُم لِهذا الاتساع الأفيح الذي اتصل به حكمنا عليه بالْحُكم المتقدم حين وسمناه بنهضة متموجة، فإن له ميزات شتى وشُمولا كثيرا لنواح متعددة، وألسنا لسنة كثيرة، ما بين مقل ومكثر، ومفلق ومتوسط، بله آخرين كثيرين أيضا من الغاوين الذين يتبعون دائما الشعراء بدعوى مرتبتهم وإن كان بينهم ما بين الخضراء والغبراء.


(١) استدى الصبي بالجوز: لعب.
وعبل كضخم وزنا ومعنى، والصرح: القصر وكل بناء عال، وممرد مسوى مملس.
(٢) مساعير الوغا: أشداؤها.
(٣) السلافة والسلاف: ما سال وتحلب قبل العصر: وهو أفضل الخمر، والصرخد من أسماء الخمر.
(٤) هباء: سهل يسير.
(٥) لم يد: أي يعط الدية.
(٦) من هدات الأم ولدها تهدئه ووسدته عندما تنيمه.
(٧) أشكر الضرع: امتلأ حليبًا.
(٨) وهي كلها في ترجمة الممدوح بها الجشتمي في (القسم الثالث) من (المعسول).

<<  <   >  >>