للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما كان هنالك في تارودانت بعض أحفاد (١) الأدارسة، رافعا لواء النحلة التي سميت فيما بعد: «البجلية» على حين أن جبال جزولة تُخالفها، وتتشبث بِما عند أهل السنة (٢) أو ليس من المتبادر أن يكون بين هذه الفرق علماء دينيون، يقودون الأفكار، ويلقحونَها بالأدلة لكل فريق، ولا يكون ذلك إلا بتعاطي العلوم الموجودة إذ ذاك وأن بعض تعاط، وهؤلاء الجزوليون هُم من يظهر لنا أنَّهم أسلاف العلامة وجاج (٤٤٥) (٣) وبعضهم يقول إنه من إخوان السملاليين وأسلاف عبد الله بن ياسين «التامانارتي» الجزولي (٤٥١هـ)، فقد رأينا الأول ألقى جرانه في (أَجْلُو) من ضواحي (تزنيت) بعد ما تَخرج من (القيروان) وما كان ليسكن هناك، ويرفع رايته، ويقر به القرار -إن صحَّ أنه غريب عن هذه الديار- لو لَم يَجد من يعينه، ويتدعم به بنيانه من أهل البلاد، وهل يعين أهل العلم إلا أهل العلم؟ أو من كانوا عرفوه وعرفوا ما ينتج وراءه، كما رأينا الثاني ابن ياسين بعد ما مكث في (قرطبة) سبع سنوات، قد اختمرت في نفسه فكرة، ثم لَم يكد يسمع هيعة في الصحراء حتى كان أول طائر إليها، فكان من عمله ما كان. ثم كان كل عمله راميا إلى تشييد العلم، وتقديم الفقهاء في كل شيء، ثم لَم ينس الفقهاء من جزولة عندما كانت الغنائم تدخل يده.

تأسيس مدرسة أكْلُو

تأسست مدرسة (أچـلو) في أول القرن الخامس، وموقعها في ضواحي تزنيت، وهي أول مدرسة عرفها التاريخ إلى الآن في بادية المغرب، وكانت تُسمى: الرباط. ويُسمى سكانها: مرابطين، وإن كان ما يعرفه التاريخ اليوم من الأولية، لا يدل على أنها هي الأولى في الواقع، فإن هناك بصيصا يتراءى منه أن حركة علمية موجودة مع مدرسة (وچَّاچ) هذه، وربما كانت قبلها، ولا حركة علمية بلا مدرسة، وكانت المساجد من قديم هي عين المدارس إن كانت فيها الدراسة، وقد قرأنا بين أخبار عبد الله بن ياسين: أنه


(١) ص ١٤٠ ج (٤) من الملل والنحل لابن حزم، وسماه أحمد بن إدريس وقد كان معروفًا أن تلك النحلة رسخت هناك في أول الرابع بمساعي علي بن عبد الله البَجَلي.
(٢) الرسالة المرغيتية في الوِهْدَاويين، وهي مخطوطة.
(٣) ما بين القوسين للوفاة.

<<  <   >  >>