غالبا من أهل القبيلة خارج ثلث الأعشار، وربَّما يُعطاها من هري المدرسة، أمَّا إدارة المدرسة والتكلم في شئون الطلبة؛ فإنَّها في يد الأستاذ الذي يُحترم احتراما كبيرا، وهو مُفتي القبيلة وقاضيها الطبيعي، ذلك هو نظام الكتاتيب والمدارس، وقد كنا قبل هذا اليوم جَمعنا أسْمَاء هذه المدارس كيفما كانت كبيرة أو صغيرة، وخصصنا لذلك مؤلفا على حدة تتبعنا فيه الْجميع مدرسة مدرسة، وذكرنا أَسْمَاء الذين مروا فيها من الأساتذة؛ ولذلك نوجز اليوم في هذا الكتاب المبني على الإيجاز، فنذكر المدارس اللامعة التي أدت في هذه القرون الماضية الواجب للعربية ولعلومها، سواء بقيت اليوم أو اندثرت.
١ - مدرسة الرباط في أكْلُو:
هذه هي المدرسة التي قلنا أنَّها البِكْر الأولى في هذه المدارس، وناهيك بِمدرسة مر بِها عبد الله بن ياسين بطل اللمتونيين، وهو مولود في تامانارت، ويذكر له نسب بين السملاليين، ولا ندري مقدار ما لذلك من صحة، كانت هذه المدرسة من القرن الْخَامس تؤدي مهمتها بين مد وجزر فحينا تكون للفنون، وحينا للقراءات السبع، فممن مر بِها من القُراء الأستاذ أحمد أتجَّار البعمراني المتوفى (١٢٨٦هـ) وهو الذي أصل فيها الملازمة لتعليم القرآن حتى غلب تعليم الفنون، وإن حرص من جاءوا بعده على جعلها مدرسة علمية كما كانت.
[٢ - مدرسة الكرسيفيين:]
كان هؤلاء من أسرة علمية عربية، كانوا أولا يقطنون في قرية تُوغزيفْت من سَملالة، ثُم انتقل بعضهم إلى أجرْسِيف في قبيلة أمانوز، فهناك فرعوا وعلموا وألفوا في القرن السابع عسر أبي يَحيى المتوفى (٦٨٥هـ)، ويُقال: إن مقبرتَهم تَضُم جناحا خاصّا بالنساء الحافظات للمدونة في ذلك العصر الذي كانت فيه المدونة هي الكتاب الوحيد في الفقه الإسلامي يقرؤه كل من دب ودرج والأسرة زاخرة بالعلماء في كل ناحية بسوس إلى الآن، وقد ذكرنا منهم زهاء مائة في بعض مَجموعاتنا الْمَخصوصة للرجال (١).
(١) في الفصل الثاني من (القسم الرابع) من (المعسول).