بعد رجوعه فأبقى له بذلك ذكرا في آثار هذا الفن، وكان لأبي العباس التيمجيدشتي يد في إحياء فن الأسانيد، فاستجازَ وأجاز، فانتشر ما انتشر عنه بواسطة أصحابه كعلي الدمناتي، وأحمد الرسْموكي البوعنفيري، ومسعود المعدري، والْحَاج مُحمد أباراغ البعمراني، والعربي الأدوزي، والشريف الكثيري، وكان لابن العربي أيضا بعض عناية، فاستجازَ الْحَسن التيمجيدشتي، والأمين الصحراوي وغيرهما. ثُم أجازَ الكثيرين من بينهم خاتِمة المسندين بسوس سيدي مُحمد بن مسعود البونعماني، فقد وقفنا له على إجازة كبرى لبعض تلاميذه أسند فيها عن ابن العربي وعن والده مسعود، وعن الْحَاج ياسين الواسخيني، وعن الْحَاج أحمد الجشتيمي، وعن مُحمد بن مُحمد الجزولي، وعن مُحمد الضوء السباعي، وعن مُحمد أبارغ، وعن أحمد بن إبراهيم الإجراري وآخرين، وهذه العناية لَم نر لَها نظيرا من معاصريه في تلك الجهة، وكذلك رأينا مثل هذا الاعتناء للعلامة أحمد من آل حسين الطاطائيين من أصحاب أكنسوس، ثم كان آخر من رأينا لَهم هذه العناية، فأجيف الباب بعدهما، ويوجد بين الرحلات السوسية الحجازية، كرحلتي أحوزي الموجودتين في تامجرت، وكالأسغاركسيَّة -إن تَمت وعندنا بعضها- والأزناكيَّة- إن وجدت- والمدينيَّة الردانية الموجودة في تامجروت، والعينية إن كان اعتنى صاحبها بِهذا الفن فيما لَم نره منها وهي مبتورة، وفي غيرها آثار من هذا الفن، فإن الرحلات التي كتبت في الثاني عشر وهي عدة -منها هذه المتقدمات- تأثر أصحابها برحلتي الناصري والعياشي اللتين لَهُما اعتناء كبير بِهذه الناحية، وقد اطلعنا على بعض آثار في الموضوع لبعض الجرسيفيين استجاز بها في المشرق، كما اطلعنا على ذلك لأحمد العباسي، ولبعض السملاليين عن باب السوداني ولغيرهم عن اسكلانط والغربي وعن التونسيين والمصريين.
هذا كله مما يدل على ما ذكرناه من أن الاعتناء بِهذا الفن الذي يُعد كنسب للعلوم لَم ينقطع في سوس، وإن كان يضؤل أحيانا، ثم هو مع ذلك لَم يكن ذا أهمية كبرى عندهم، حتى الإجازات- وهي عندهم أخص من الأسانيد في الجملة، إذا لَم تذكر فيها الأسانيد، وإلا فإنَّها من بنات الموضوع- يقل تعاطيها في سوس بين المتخرجين والمخرجين إلا قليلا.
[٢٠ - علم الجداول:]
ويُسمى أيضا: علم الأوفاق، وسر الحرف، وهو علم صحيح ذكره ابن خلدون وغيره، وقد صحَّ أيضا عند المعتنين به في هذا العصر، وقد مرَّ بين