للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا ما عندنا في هذا الفن، فيتلخص أنه ليس بِمدروس بين العلوم عند السوسيين إلا قليلا، وأن المعتاد إنَّما هو الطب التجريبي الساذج.

[١٩ - الأسانيد:]

شاع في المغرب من قديم قلة الاعتناء بِهذا الفن، وإن لَم يكن يَخلو في كل وقت مِمن يتعاطاه؛ لِما امتاز به المغاربة من الإكباب على الدراية أكثر من الرواية، فكان لسوس بين أرجاء المغرب مثل هذا الوصف بعينه يقل فيه الالتفات إلى ذلك، وإن لَم يكن يَخلو مِمن يلتفتون إليه؛ فلذلك يَجد المطلع على حياة رجالاتهم فهارس ورحلات امتلأت بالأسانيد والاستجازات، وقد كان هذا مذكورا في التاريخ من مفتتح القرن العاشر، ثم لَمَّا جاء عبد الرحمن التامانارتي في القرن الحادي عشر أظهر ذلك في كتابه (الفوائد الجمة)، فأبان اعتناء مشيخته ومشيختهم بوصل حلقات الأسانيد، ثم جاء أحمد أحوزي التيملي نزيل درعة بفهرسته المشهورة بعد صدر القرن الثاني عشر، ثُم محمد بن يحيى الأزاريفي بكراسة شحنت بأسانيده في التصوف، وبأخرى بأسانيده في العلوم، ثُم تبعه أولاده وأحفاده في ذلك، ثُم التَّاسجدلتي، فعندنا له فهرست حسن، ثُم مُحمد بن إبراهيم آل ابن يعقوب التاتلتي ثم التاجرجوستي رفيق أحمد الغربي الشهير في الرباط في فهرست له حسن، وقفنا عليه أخيرا، يدخل في هذا الموضوع، ثم الحضيجي الذي رد العناية بِهذا الفن جذعة في فهرسته وفي إجازاته المتعددة، فتلميذه الأسغاركيسي فيحيى الجراري (١)، فأبو مدين الدرعي الرداني المعتني في رحلته (٢) بأخذ الإجازات في أواسط الثاني عشر، فعبد الله السجتاني المسكالي نزيل تونس في القرن الثاني عشر.

فلكل واحد من هؤلاء فهرس خاص، وقد رأينا بعض أسانيد لبعض السوسيين سواهم عن بعض الفاسيين؛ كبناني وجسوس وعمر الفاسي وابن سودة وغيرهم، ثم أوصلوا السند بِمن بعدهم؛ كعلي بن سعيد، وولده مُحمد بن علي اليعقوبيين، اللذين يتصلان بالمتقدمين، ثُم ضؤل الاعتناء، وتقاصرت الهمم، حتى لنرى مثل أبي زيد الجشتيمي يزهد في ذلك تورعا واحتقار نفس، وإن كانت له بعض إجازات رأيناها، لكن ولده سيدي الحاج أحمد أظهر اعتناء غير قليل بِهذه الجهة، فوصل حلقات بأخرى بِما صنعه في حجته حين استجازَ من لقيهم، ثم أجازَ


(١) هذه الفهارس كلها موجودة مخطوطة.
(٢) مخطوطة في الخزانة التامُجْروتية أرشدنا إليها الأخ أبو المزايا.

<<  <   >  >>