غيرها. هذا ما نقوله في البيان، وأمَّا الأدب الذي يَحوم هذا العلم حوله؛ فسنستوفي فيه الكلام إن شاء الله في فصل خاص بالأدب وحده أخيرا.
[١٠ - الأصول:]
لا مرية في أن حلاوة الأصول لا يمكن أن تظهر إلا عند المتعودين تطبيقه، وقد انقطع غالبا هذا التطبيق كفن معتمد في الدراسة الإسلامية العامة من زمن طويل، من القرن التاسع قبل أن تظهر سوس العالِمة، فلم يبق إلا تعاطيه فقط، وهذا ما رأيناه موجودا في الأدوار العلمية بسوس، ويوجد ما يدل على الاعتناء بتدريسه من التاسع إلى الآن، بل هناك فيه مؤلفون، كحسين الشوشاوي وعبد الواحد الوادتوني، ولِمحمد بن سليمان الجزولي الرحالة -وهو غير الصوفي- مقام كبير في هذا العلم، وهو من أواخر الثامن، ومفتتح التاسع.
ثُم ما زلنا نرى من يذكر بإتقان هذا الفن كأبي مهدي السجتاني، ومُحمد بن إبراهيم الهشتوكي ثم الحوزي، وابن صالِح الروداني، وكثير مِمن مضوا في ذلك العهد، وللجشتيميين يد حسنة في ذلك ينوه بِها بين تلاميذهم ولا يزال حيّا من أتقنه عليهم، فكان بارعا، وكذلك أحمد أضرضور الإجراري، كان قائما على هذا الفن، خصوصا أصول المذهب، فإنه فيها في غاية التمكن وأما مُحمد بن علي اليعقوبي شارح (المنهج)؛ فإنه من أعجب الناس مَهارة في ذلك، ثُم كان الأدوزيون والبونعمانيون مِمن يَجولون فيه، كالْمَحفوظ الأدوزي الذي لَهج به، وبه يبكر في التدريس صباحا، وكأبي فارس الأدوزي المولع بتدريس التنقيح بشرح الشوشاوي، وكابن مسعود الذي له حواش على الْمُحلى، ومباحثات مع من حشوه، فإنه فيه من الماهرين، وقد رأينا له فكرة تعد غريبة بِحسب بيئته، فإننا وقفنا له على رسالة كتبها إلى تلاميذه يقول فيها:«ونؤكد عليكم في حضور الدروس خصوصا البخاري المحاذي به متن المختصر، والحضور في درس المختصر، والمجموع للأمير» -إلى أن قال:«وأي خير عدمه من قرأ فروع باب من أبواب المذهب، وأتبعه بباب من أبواب البخاري المشتمل على الكلام المنور، فيستفيد فقه الأبواب، ومَدارك المسائل من خصوص كلام النبي- صلى الله عليه وسلم- وآثار أصحابه، وتابعيهم بإحسان، وإذا ساعد التوفيق، وراجع المتعلم ما انجرَّ إليه الكلام في الاستنباط، من قواعد الأصول، في أبوابها وتعالى بذلك إلى استحضارها في مَحالِها من الفروع، كانت النعمة أكبر ..... » إلخ.
هذه فكرة سوسي لَم تطرق أذنه إحدى الصاخَّات العصرية، قد اهتدى إلى الطريقة المثلى في وسط ذلك العصر المظلم الداجي في بَحبوحة