في الميدان، فتتآلف من الجميع حلبة تسير إلى الأمام، ونرى أنه لولا هؤلاء وأمثالَهم من النشء السوسي الجديد، ولولا هذا التلقيح الذي تلقح به أدب سوس الذي تبقي عن تلك النهضة الأخيرة؛ لكان في مكان ذلك التفاؤل أرجاف عظيم بِهذا الأدب السوسي، ثُم يتبعه نعي الناعين، وكيف لا نبتهج بِهذه الْحَركة الجديدة مع أننا نقرأ من بين آثارها:
رَبِّ مالي وللقوافي ومثلي ... ليس يرضيه غير خلع العذار؟
وأنا شاعر طموح أبي النـ ... ـفس لا أرتضي حياة الإسار
إن ورد الحياة من إذ لَم ... يَك فيه الفتى من الأحرار
مستبد بنفسه وحجاه ... وشئون الحياة والأفكار
وإذا ما غدا إلى اللهو يوما ... ليس يثنيه من يقول حذار
يتحلى بكل ما يقتضي الذو ... ق وإن لَم يكن شعارا لوقار
يرسل الوجد زفرة منه تتلو ... زفرة لا يكنها خوف عار (١)
ونقرأ أيضا من آثارها من قصيدة طويلة فخرية:
هو من درى عرش القوافي إنه ... فرد المعارك لا يُطاق طعانه
فإذا رمى يوم الرهان فطعنة ... نَجلاء يعرف وقعها شُجعانه
ذاك اليراع مهند يدع العدا ... صرعى وتقصر دونه أقرانه
قطري المفدي سوس يعرف محتدى ... وتَحن لِي مهما أغب جُدرانه
وتقر لي ولتالدي أشياخه ... ولطار في بين الورى شُبَّانه
ولو استطاعت أن تسير دياره ... شوقا إلى لِجاء بونعمانه
اشتاق معهده الكريم وإنني ... ما دمت ليس يلم بي نسيانه
وإذا ذكرت هناك أيام الصبا ... يعتاد قلبي في الحشا خفقانه (٢)
(١) من قصيدة للحسن التناني الشاب المعتبط، وتمام القصيدة مع كل ما اخترناه من قوافيه في ترجمته مع أهله التغانيميين التنانيين في (الفصل الثاني من القسم الرابع) من (المعسول).