للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكمنا عليه بطور الفتور في الأدب الذي يتردد بين الإجادة وغيرها، تردد الموج بين الْجَزْر والْمَد.

قال أحمد بن عبد الله الماسجيني في الأمير المولى مُحمد بن عبد الله يوم ألقي القبض على صالِح الثائر المشهور في أجادير، وألقاه في السجن، نأتي بِها كلها:

إن السعادة ألحفتك برودها ... وثنت إليك قريبها وبعيدها

زفت إليك النصر هذا اليوم واتَّخـ ... ـذت نَهار اليوم بشرا عيدَها

تَجني لك الأثْمَار من نَخل الْمُنى ... وتنيل غيرك ليفها وجريدها

الله أكبر قد أتيت مظفرا، ... أي البلاد تَرى تَرى مسعودها؟

كنا من الأوباش وسط مراجل ... فارت يوالي المارقون وقودَها

كم حرمة نَهكوا وكم ذي شيبة ... قد أرهقوه من البؤس صعودَها

والفتنة العمياء تَخبط خبطها ... من ذا يرد عن الورى مَمدودها؟

لكن أتاها اليوم قصَّام القَرى ... عنها يرضُّ عظامها وجلودَها (١)

ويدق أعناقا غلاظا بالربا ... كانت لكل السيئات عمودَها

ويَهد من سور المصيبة ركنها ... ويَجذ من أثل المفاسد عودَها (٢)

يا طالَما رتع البغاة مراتع البغـ ... ـي المبيدة لو تكون مبيدها (٣)

واستمرءوا نَهب الضعاف بِحيفهم ... يلحون شرخ بلادنا ووليدَها (٤)

فيلممون وهم كطلسِ جوِّع ... غض اللحوم بِحيفهم وقديدها (٥)

حتى غدوا في ثروة ضموا لَها ... منا طريفَ كنوزنا وتليدَها

لكن أتى في اليوم من يُردي العتا ... ة على الملاحم عادها وثَمودَها

خضد الجبابرة الطغاة وشوكها ... مستأصلا تَحت الثرى مَخضودَها

زأرَت أسود الْحقِّ فوق نِقَادها ... فرأت مَخالب لا تَطيق أسودها (٦)

فاهتم قائدها بِحرب دونَها ... زعما وقد صدت هناك صدودَها

حتى إذا ما صرحت بأساؤها ... ورأت بروقا لا تَخون رعودَها

ألقت يد استسلامها عن ذلة ... قد عفرت آنافها وخدودَها

فهناك ألفى طالِح لا صالِح ... من كان من فئة البلاء عنيدَها


(١) القصم: القطع، والقرى: بالفتح: الظهر، رض الشيء دقه.
(٢) جذ: قطعه، والأثل: شجر معروف بالبادية، والكلام فيه مجاز.
(٣) الضمير في مبيدها راجع إلى البغاة باعتبارها جمعًا، وكل جمع مؤنث، وقد تكر مثل ذلك فيما يأتي.
(٤) لحي الشجرة: قشرها، والشرخ من الناس: الكبير.
(٥) الطلس: جمع أطلس: الذئاب.
(٦) النقاد بالكسر جمع: نقد بالفتحتين: صفار الغنم.

<<  <   >  >>