ابن العربي بالتلمذة: مُحمد بن مسعود، فلم ينشب أن ظهر بعد (١٣٠٩هـ) في الميدان، فحسب له حساب كبير، فوجب علينا لارتكاز مقامه ارتكازا عجيبا في هذا الفن أن نقرنه في قيادة هذه الشعبة الأدوزية بالأستاذ ابن العربي، وأن نَجعل له إزاءه منصة سامية يتسنمها، ثُم تَخرج بِهما أناس، وأكبر من تَخرج بابن العربي الأستاذ الأديب: أبو فارس الأدوزي، شارح المعلقات والشمقمقية، ورسالة ابن زيدون، والأستاذ المؤرخ الإجراري الأريحي، صاحب اليراع الحاد، والنزوع إلى الأدب بكل جوارحه، والأديب الدغوغي، والأديب أبو زيد الإيسي، وقد كان الأديب الشاعر الحبيب السكراتي أيضا من هذا الرعيل معاصرة ومُجاورة ومنافسة، وكالأديب عبد الرحمن البزي الحامدي في طائفة تَجاذبت إذ ذاك القوافي هناك. ومن بين مَن تَخرجوا بابن مسعود: مُحمد الحضيجي، والحسين التَّالعِينتِي الأديبان الممتازان، وأمثالَهُما؛ كالطاهر السماهري، والْحَسن بن عبد الرحمن الإجراري، فهكذا أدى المحمدان ابن العربي وابن مسعود لِهذه الشعبة الأدبية التي يقودان زعامتها ما أديا، فكان لأعمال هذه الشعبة بِهما وبِمن يتقفاهما آثار تتأيد بِها النهضة الأدبية السوسية العامة.
هذا مُلخص ما قام به هذا الفريق، أمَّا المدرسة الجشتيمية والشعبة الأدبية التي كانت زعيمتها؛ فإنَّها أحظى من أختها انتشارا فقد رأس الأديب البارع أبو العباس الجشتيمي ولد أبي زيد هذا الفريق منذ حوالي (١٢٦٩هـ)، وهي السنة التي توفي فيها والده أبو النهضة؛ ولذلك أنطنا توسعها به -كما ترى- فأصدر أدباء كبارا لَهم آثار خالدة؛ كالحاج الحسين الإفراني، والْحَاج ياسين الواسخيني، ومُحمد بن إبراهيم التامانارتي الإفراني وأمثالهم، ثُم رأيناهم وبعض من تَخرجوا من تلك المدرسة، يسيرون بِهذه النهضة إلى الأمام، فنبغ من بين تلاميذ الأستاذ مُحمد بن إبراهيم التامانارتي ثم الإفراني مُحمد بن عبد الله الإلغي مؤسس المدرسة الأدبية، فكان حظ ابن إبراهيم بسبب ما انتشر من تلميذه هذا أجلى وأعلى مِمَّا انتشر عن الوَسخيني، والْحَاج الحسين، والحاج داود، والْحَاج مُحمد اليزيدي الإيسي، وأحمد (أمزاركو) السندالي، فإننا لا نرى لِهؤلاء كبير أثر إلا ما كان من الأخير، فإنه ثقف الأديب أبا عمران الرسْمُوكي قاضي تارودانت، كما أن للحاج داود أثرا ظاهرا من وراء أعمال تلميذيه الصوابيين اللذين خرجا مثل ابن إسْحَاق أحد أدباء الكرسيفيين اليوم،