للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{أُمَّةٍ} أى: بعد حين، وقرأ ابن عبّاس: «بعد أمه» أى: نسيان؛ لأنّه ادّكر بعد مدة. لأنّ (١) محمدا صلّى الله عليه وسلم قد عجب مما أعطاه الله من الفضل وسخر منه المشركون. وقد عجب الله تعالى من عظيم ما نال المشركون من الله، وقد قال الله تعالى: {إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ} (٢) وقوله تعالى: «بل عجبت» و {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} (٣) ، وقد روى عن النّبى صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «عجب ربّكم من ألّكم وقنوطكم» (٤) .غير أن العجب من الله تعالى بخلاف ما يكون من المخلوقين، كما أن المخادعة والمكر والحيلة والنّسيان منه على خلاف ما يكون منا، ومعنى ألّكم: الضّجيج ورفع الصّوت بالدّعاء. فالألّ: رفع الصّوت والألّ: سرعة المشي، والألّ: مصدر أله بالحربة ألاّ، والحربة يقال لها: الألّة.

وحدّثنى أحمد بن عبدان المقرئ، قال: حدّثنا على بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، قال: سمعت الكسائى يخبر عن زائدة عن الأعمش عن شقيق بن سلمة، قال: قرأت عند شريح (٥) : «بل عجبتُ» فقال: إنّ الله لا يعجب


(١) يبدو أنّ نقصا وقع فى هذا النصّ ذكر فيه المؤلف اختلافهم فى قراءة بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ يضمّ التاء وفتحها وما ذكر هنا بقية هذا التوجيه.
(٢) سورة الرعد: آية: ٥.
(٣) سورة الصافات: آية: ١٢.
(٤) غريب الحديث لأبى عبيد: ٢/ ٢٦٩، وأخرجه الخطابي فى غربيه: ٣/ ٢٦٠.
قال أبو عبيد: «فإن كان المحفوظ قوله: «من إلكم» بكسر الألف فإنى أحسبها: من ألكم بالفتح، وهو أشبه بالمصادر يقال: أل يؤل ألّا وأليلا وأليلا، وهو: أن يرفع الرّجل صوته بالدّعاء ويجأر فيه، قال الكميت: [ديوانه: ٢/ ٩].
فأنت ما أنت فى غبراء مظلمة ... إذا دعت ألليها الكاعب الفضل»
وفى غريب الخطابيّ: «يرويه المحدثون إلّكم- بكسر الألف- والصواب: ألّكم بفتحها؛ يريد رفع الصوت بالدّعاء».
(٥) هو القاضى المشهور شريح بن عبد الله الكندى قاضى البصرة.
(أخبار القضاة: ٢/ ١٨٩)
والحكاية فى تفسير القرطبى: ١٥/ ٦٩، ٧٠ .. وغيره مشهورة.