للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الشئ وإنما يعجب من لا يعلم، قال الأعمش: فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: إنّ شريحا كان يعجب بعلمه، وكان عبد الله أعلم منه، فكان يقول:

«بل عجبتُ» وكذلك قوله تعالى: «كيف ننشرها» (١) أى: نحييها، من قوله تعالى: {ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ} (٢) يقال: نشر الميّت إذا حيي، وأنشره الله، قال الأعشى/: (٣)

لو أسندت ميتا إلى نحرها ... عاش ولم ينقل إلى قابر

حتّى يقول النّاس ممّا رأوا ... يا عجبا للميّت النّاشر

و{كَيْفَ نُنْشِزُها}: كيف نحركها بالزّاى، والمعنيان متقاربان؛ لأنه إذا تحرك فقد حيي، وإذا حيي فقد تحرّك، فقد ثبت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قراءته بالحروف كنحو ما قد مضى، وكرواية أمّ سلمة عنه: «مَلِكِ يوم الدّين» (٤) وروى عنه غيرها {مالِكِ} بالسّند الصّحيح، ففى ذلك وضوح ما ورد علينا من القراءة على لفظتين فصاعدا غير مخالف للمصحف والإعراب، وتوارثته الأئمة غير متضادّ فيها المعنى كما قال تعالى (٥) : {وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ}


(١) سورة البقرة: آية: ٢٥٩، والقراءة فى تفسير القرطبي: ٣/ ٢٩٦، والبحر المحيط:
٢/ ٢٩٣.
(٢) سورة عبس: آية: ٢٢.
(٣) البيتان فى ديوانه: ١٠٥ (الصبح المنير).
وكرر ذكرهما المؤلف رحمه الله فى مؤلفاته. ينظر شرح الفصيح؛ وإعراب ثلاثين سورة، وشرح مقصورة ابن دريد، والألفات ...
والثانى منهما فى مجاز القرآن: ٢/ ١٥٣، ٢٠٢، ٢٨٦، وتفسير الطبرى: ١٩/ ١٣، وجمهرة اللّغة:
٢/ ٣٤٩، والخصائص: ٣/ ٢٢٥، ٣٣٥، وتفسير القرطبيّ: ٢٣/ ٣، واللسان والتاج: (نشر).
(٤) سورة الفاتحة: آية: ٤.
(٥) سورة النساء: آية: ٨٢.