للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} يعنى اختلاف التّغاير، لا اختلاف الإعراب والحروف. ومما يوضح ذلك أيضا ما حدّثناه محمد بن عبيد الفقيه، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن القارئ، قال: حدّثنا سويد عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عبد الرّحمن أنه سمع عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: «سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة (الفرقان) على غير ما أقرؤها، وكان النّبى صلّى الله عليه وسلم قد أقرأنيها فكدت أعجل عليه فأمهلته حتى انصرف، ثم لببته برداء، فجئت به النّبى صلّى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ بسورة (الفرقان) على غير ما أقرأتنيها؟ ! /فقال له النّبىّ صلّى الله عليه وسلم: اقرأ، فقرأ القراءة التى سمعته يقرأ، فقال النّبى صلّى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت. ثم قال لى: اقرأ، فقرأت فقال: هكذا أنزلت، إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسّر منه» (١) .

وحدّثنا أبو القاسم البغويّ، قال: حدّثنا محمد بن زياد، قال: حدّثنا أبو شهاب الحنّاط‍، عن داود بن أبى هند، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: جلس ناس من أصحاب النّبى صلّى الله عليه وسلم على بابه فقال بعضهم:

إن الله قال فى آية كذا وكذا، وقال بعضهم: لم يقل كذا!

فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم كأنما فقئ فى وجهه الرّمان؛ أى: حبّ الرّمان وقال: «أبهذا أمرتم، أو بهذا بعثتم؟ ! إنما ضلّت الأمم فى مثل هذا انظروا ما أمرتم به فاعملوا به، وما نهيتم عنه فانتهوا» (٢) .


(١) حديث عمر رضى الله عنه فى صحيح البخارى: ٥/ ٢٧ (فضائل القرآن) باب أنزل القرآن على سبعة أحرف. فتح البارى: ٩/ ٢٣، حديث رقم (٤٩٩٢).
وينظر: البرهان للزركشى: ١/ ٢١١.
(٢) أخرجه الترمذىّ ٤/ ٤٤٣ (كتاب القدر) حديث رقم (٢١٣٣).
وينظر: مسند الإمام أحمد: ٢/ ١٩٦.