للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{الْجارِ الْجُنُبِ} (١) وألفهما منقلبتان من الواو ووزنهما سيّان، والأصل فيهما نور، جور فقلبوا من الواو ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها؟

فالجواب فى ذلك أنّ النار كثر دورها فى القرآن فأماله تخفيفا، والجار لما قلّ دوره فى القرآن تركه على أصله، والدّليل على ذلك أنّ أبا عمرو يميل {الْكافِرِينَ} فى موضع الجرّ والنّصب لكثرة دوره فى القرآن ولا يميل ال‍ {جَبّارِينَ} فى موضع النصب؛ لأنه فى القرآن فى موضعين {إِنَّ فِيها قَوْماً جَبّارِينَ} (٢) {وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبّارِينَ} (٣).

٦ - وقوله تعالى «غشاوةً» [٧] قرأ عاصم فى رواية/المفضّل «وعلى أبصارهم غشوةً)» بالنصب وقرأ الباقون {غِشاوَةٌ} بالرفع، فمن نصب أضمر فعلا، والتقدير: ختم الله على قلوبهم، وجعل على أبصارهم غشاوة، كما قال الله تعالى فى (الجاثية) (٤):

{وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً} والعرب تضمر الفعل إذا كان فى الكلام دليل، قال الشاعر (٥):

سقوا جارك الغيمان لمّا جفوته ... وقلّص عن برد الشّراب مشافره

سناما ومحضا أنبتا اللّحم فاكتست ... عظام امرئ ما كان يشبع طائره


(١) سورة النساء: آية: ٣٦.
(٢) سورة المائدة: آية: ٢٢.
(٣) سورة الشعراء: آية: ١٣٠.
(٤) الآية: ٢٣. يراجع ج ٢/ ٣١٤، ٣١٥.
(٥) هما للحطيئة فى ديوانه: ١٨٤ من قصيدة فى هجاء الزبرقان بن بدر أولها:
عفا مسحلان من سليمى فحامره ... تمشّى به ظلمانه وجآذره
وينظر: المقتضب: ٢/ ٥١، وشرح الحماسة: ١/ ٣٦٢، والمخصص: ٨٢/ ١٨١. المحض: اللبن الخالص. وجاء فى الأصل: «أنبت».