للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الباقون بفتحها، وهو الاختيار؛ لإجماع الجميع على قوله تعالى (١):

{عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} ولم يقل: عَسِى. والعرب تقول: عسى زيد أن يقوم، وأن مع الفعل مصدر ولم يقل عسى القيام؛ لأن المصدر يدل على الماضي والمستقبل، فيقول على لفظ‍ الاستقبال؛ لأن الترجي لا يكون إلا مستقبلا، فأما قول العرب: «عسى الغوير أبؤسا» (٢) فقال سيبويه (٣): عسى هاهنا بمعنى كان. وقال أبو عبيد (٤): الغوير تصغير غار، وأبؤس جمع بأس، وكان قوم في غار فتهدم عليهم، فضربت العرب بذلك مثلا/فقالت: «عسى الغوير» أخفى لنا أبؤسا.

٣٥ - وقوله تعالى: {كَيْفَ نُنْشِزُها} [٢٥٩] قرأ أهل الكوفة وابن عامر بالزّاي وضمّ النون.

حدّثنا ابن مجاهد قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا شبابة قال:

قرأ أبو عمرو: «كيف نَنْشُزُها» بفتح النون، ننشز فعل لازم، والمتعدي منه أنشز، نحو: جلس زيد وأجلسه غيره.

وقرأ الباقون: «(كيف ننشزها)» بالرّاء وضم النون، وجعله أبو عمرو من


(١) سورة الإسراء: آية: ٨.
(٢) جمهرة الأمثال: ١/ ٥٠، وفصل المقال: ٤٢٤، ومجمع الأمثال: ٢/ ١٧، والمستقصى:
٢/ ١٦١.
(٣) ينظر: الكتاب: ١/ ٢٤، ٧٩.
(٤) الأمثال لأبى عبيد: ٣٠٠، وغريب الحديث له: ٣/ ٣٢٠ ذكر أبو عبيد- رحمه الله- ما ذكر المؤلف عنه هنا ثم قال: أخبرنا الكلبىّ بغير هذا قال: الغوير: ماء لكلب معروف يسمى الغوير، وأحسبه قال: هو ناحية السماوة، وقال: وهذا المثل إنما تكلمت به الزبّاء ... » وأورد قصتها مع قصير اللّخمى. والقصة مشهورة.