للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السّلام. قال: فيجب على رسول أن لا يحكم به حتّى يبيّن الله تعالى ذلك.

وقال آخرون: -وهو الشّافعى وأصحابه-لا يتأخر البيان عن الوحى، والوحى عنه.

وهذه الآية إنّما نزلت فى أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان ربما أراد أن يحكم بحكم لم ينزل فيه القرآن، فأمر الله عزّ وجلّ أن يمكث حتى يقضى إليه وحيه (١) .

فإن قيل: فما وجه قوله (٢) {وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} فقل: وجه المشورة من النبى صلّى الله عليه وسلم لأمته تعليما لهم وتبركا، لا أنّ هناك من هو أفهم من النّبى صلّى الله عليه وسلم ولا أعقل. {فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ}.وإنما يستشير أنه أتى صلّى الله عليه وسلم وأصحابه فيما لم يقض الله عزّ وجلّ وحيه، فإذا نزل القرآن بطلت المشورة.


(١) للعلماء فى أسباب نزول هذه الآية كلام كثير وقد جمعه الإمام أبو حيّان فى البحر المحيط:
٦/ ٢٨٢ فقال: « ... أى: تأنّ حتى يفرغ الملقى إليك الوحى ولا تساوق فى قراءتك قراءته وإلقاؤه كقوله تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ وقيل: معناه: لا تبلّغ ما كان منه مجملا حتى يأتيك البيان.
وقيل: سبب الآية أن امرأة شكت إلى النبى صلّى الله عليه وسلم أنّ زوجها لطمها فقال لها: بينكما القصاص، ثم نزلت: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ ونزلت هذه بمعنى التثبت فى الحكم بالقرآن.
وقيل: كان إذا نزل عليه الوحى أمر بكتبه للحين فأمر أن يتأنى حتى تفسّر له المعانى ويتقرر عنده.
وقال الماوردى: معناه: لا تسأل قبل أن يأتيك الوحى، أن أهل مكة وأسقف نجران قالوا:
يا محمد أخبرنا عن كذا وقد ضربنا لك أجلا ثلاثة أيام فأبطأ الوحى وفشت المقالة بين اليهود قد غلب محمد فنزلت: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ .... أى بنزوله. وقال أبو مسلم: ولا تعجل بقراءته نفسك أو فى تأديته إلى غيرك أو فى اعتقاد ظاهره أو فى تعريف غيرك ما يقتضيه ظاهره احتمالات ... الخ».
راجع تفسير الطبرى: ١٦/ ٢١٩، ٢٢٠، وتفسير الماوردى. (النكت والعيون): ٣/ ٣١، ٣٢ زاد المسير: ٥/ ٣٢٥ وتفسير القرطبى ١١/ ٢٥٠، وتفسير القرآن لابن كثير. ٥/ ٣١٢ والدر المنثور: ٤/ ٣٠٩.
(٢) سورة آل عمران: آية: ١٥٩.