للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الباقون: {ماذا تَرى} بالفتح. غير أنّ أبا عمرو كان يميل الراء من أجل الياء.

والباقون يفتحون جعلوه من الرّأى والرّؤية، لا من المشورة. وكان إبراهيم صلّى الله عليه وسلم رأى فى المنام فأمر بذبح ابنه. ورؤيا الأنبياء وحى، فلذلك قال ابنه:

{يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصّابِرِينَ} [١٠٢] قال ذلك وهو ابن ثلاث عشرة سنة (١) .

«فتلّه للجبين» [١٠٣] أى: صرعه وألقاه على وجهه لئلاّ يرى وجهه فيرحمه. فلمّا عرف الله طاعة إبراهيم صلّى الله عليه وسلم إيّاه، وطاعة ابنه إيّاه شكر الله تعالى لهما بذلك، ففداه بذبح عظيم بكبش قد رعى فى الجنّة أربعين خريفا.

واختلف الناس فى الذّبيح؟ فقال قوم: إسحاق (٢) ، وقال آخرون:


(١) قاله الفراء: المعانى: ٢/ ٣٨٩، وعنه فى تفسير القرطبى: ١٥/ ٩٩، ونسبه فى زاد المسير:
٧/ ٧٢ إلى ابن السائب.
(٢) هو القول الذى قال به أكثر العلماء، قال القرطبى- رحمه الله- فى تفسيره: ١٥/ ٩٩ «اختلف العلماء فى المأمور بذبحه فقال أكثرهم: الذّبيح إسحق ...
وقال آخرون: هو إسماعيل ...
وأورد جملة من الصّحابة والتّابعين ممن قال بالرأي الأول، وجملة من الصّحابة والتابعين ممن قال بالرأى الثانى، وقال: سئل أبو سعيد الضرير عن الذبيح فأنشد:
إنّ الذبيح هديت إسماعيل ... نطق الكتاب بذاك والتّنريل
شرف به خص الإله نبيّنا ... وأتى به التّفسير والتّأويل
إن كنت أمّته فلا تنكر له ... شرفا به قد خصّه التّفضيل
قال: وعن الأصمعيّ قال: سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذّبيح فقال: أين عزب عنك عقلك؟ ! ومتى كان إسحق بمكة؟ إنما كان إسماعيل بمكة، والذى بنى البيت مع أبيه، والمنحر بمكة.
وروى عن النبى صلّى الله عليه وسلم أنّ الذّبيح إسماعيل، والأول أكثر عن النبى صلّى الله عليه وسلم وعن أصحابه وعن التابعين ... » ونصر الإمام القرطبى أنه إسحق.
وذكر ابن الجوزى فى زاد المسير: ٧/ ٧٣ القول بأنه إسحق ثم القول بأنه إسماعيل ثم قال: «وكذلك عن أحمد رضى الله عنه روايتان ولكل قوم حجة ليس هذا موضعها وأصحابنا ينصرون القول الأول».-