محتملة للامتناع. فعلى فرض أن احتمال الامتناع يُعَدُّ قرينةً فلم يكن حاصلًا لهم، فكيف يُعتَدُّ عليهم به؟ وقد مرَّ الكلام في هذا. وإن لم يُسَلَّم فينظر فيه في المقصد الرابع.
المتكلم: لم يكن القوم ماهرين في علوم المعقول، فلا يُعتدُّ بإدراك عقولهم الوجوبَ أو الجواز، بل يبقى الحكم في حقهم الاحتمال. فإن لم يشعروا بقصورهم القاضي عليهم بالتوقف فقد قصَّروا.
السلفي: كيف لا تَعتدُّ بعقولهم، وقد اعتدَّ بها ربُّ العالمين، فأرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، وأمرهم بالنظر والتفكر والاعتبار والتدبر، وقبِلَ إيمانَ من آمن منهم وأثنى عليه، ونقَمَ كفرَ من كفر منهم، وعاقبه عليه؟ ! وقد مرَّ في صدر هذه الرسالة ما فيه كفاية.
المتكلم: فدع هذا، ولكن لي نظرٌ في دعوى أن عقولهم كانت موافقة لتلك المعاني.
الناقد: فيأتي الكلام في المقصد الرابع.
[٢/ ٢٦٧] السلفي: هَبْ أن تلك المعاني كانت محتملة في عقول القوم، أي أنهم لا يدركون وجوبها ولا امتناعها، ولا تقطع عقولهم بجوازها، فدعواك أن احتمال الامتناع عقلًا قرينةٌ توجب التوقف في ظاهر الخبر= دعوى باطلة عقلًا وشرعًا وعملًا.
أما العقل، فإنه يقتضي قبول ظاهر الخبر إذا كان المخبِر ثقةً أمينًا لا يُخشى منه الكذب ولا التلبيس، إذ الغالبُ صدقُه، والغالبُ في الأخذ به حفظُ المصلحة واتقاء المفسدة. ولا يفرِّق العقلُ في هذا بين ما يقطع