خالفت المعقول يجب تأويلها أو ردُّها, ثم نشأ المتوغِّلون في الفلسفة كالفارابي وابن سينا, وكان مما خالفوه من العقائد الإسلامية أمر المعاد, فاحتج عليهم المتكلمون بالنصوص, فغافصهم ابن سينا مغافصة شديدة. وقد نقل المؤلف بعض عباراته, ولخص المقصود منها في عشرة مقاصد, ثم عقد مجلسًا للنظر في هذه المقاصد, حضره متكلم وسلفي وناقد, وأجرى الحوار على لسانهم في هذه الموضوعات, ليبين الحق والصواب فيها ويرد على ابن سينا وأتباعه في إنكار الاحتجاج بالنصوص الشرعية. وتطرق في أثنائها إلى أبحاث وتحقيقات, مثل الكلام على معنى آية {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] , وبيان معنى اسم الله تعالى الواحد والرد على تفسير ابن سينا له, والرد عليه في زعمه أن ذات الله ليست منفصلة عن العالم ولا متصلة به, وبيان أن حاصل كلامه نسبة الكذب إلى الله والرسول, والموازنة بين كذبات إبراهيم عليه السلام وبين النصوص التي زعم بطلان معانيها من وجوه. وختم المؤلف كلامه في الرد على ابن سينا بمبحث في حشر الأجساد هل هو بجميع أجزائها المتفرقة أم بإنشاء أجساد أخرى؟
بعد الرد على ابن سينا انتقل إلى كلام الفخر الرازي في الاحتجاج بالنصوص الشرعية, ولخصه في ثلاثة مطالب:
الأول: ما يتوقف ثبوت الشرع على ثبوته (كوجود الله وعلمه بالمعلومات كلها, وصدق الرسول) , فهذا يستحيل أن يعلم بإخبار الشارع.
الثاني: ثبوت أو انتفاء ما يقطع العقل بإمكان ثبوته وإمكان انتفائه, إذا لم يجده الإنسان من نفسه ولا أدركه بحسه, استحال العلم به إلا من جهة الشرع.