الطفل بقدر ما هو محتاج إلى المحبة وإلى الاعتبار والتقدير وإلى المدح والقبول والطمأنينة وهذا كله ناقشناه فيما مضى، فهو أيضا بحاجة إلى من يؤدبه هذا احتياج ايضا لأنه لا يستطيع أن يستقل بنفسه في تقويم سلوكه، فلا بد من التأديب لأن التأديب احتياج، ولابد من وضع الضوابط والقواعد عبر مراحل نموه العمرية، يخطأ من يظن وهو يمارس أبوته أن الحب وحده قادر على تنشئة الأطفال خير تنشئة، كما أن سياسة دع ابنك يفعل ما يشاء أو لا تقل أبدًا كلمة لا لابنك تنشأ غالبًا أبناء لا ينضبطون بضابط ولا يحترمون أحدًا، ولا يلتزمون بدين، ولا خلق ولا عرف ولا أي شيء، لا يضبطهم ضابط لماذا لأنه يترك له الحبل على الغارب، ويتجنبون أن يقولوا له لا، فيصبح الطفل سلطانا متوجًا، ويصبح الأب أو المربي عبارة عن منفذ لرغبات الأطفال، هذا كل دوره في هذا النمط الناقص من التربية.
[نتائج سوء تربية الطفل لدي أسرته]
الطفل الذي لا يؤدب بالضوابط والقوانين والقواعد وحضور توجيهات الوالد قد ينشأ معتقدا أنه غير محبوب، وغير مقبول لدى أسرته، لأن الإنسان لا يمكن أن ينعم بالحرية إلا إذا عرف حدود حريته، يعني الناس في تعاملهم دائما هناك خطوط حمر، خط أحمر ينبغي لكل إنسان يعرف حدوده تجاوز هذا الخط، هو الذي يأتي بالمشاكل في كل العلاقات تقريبًا، فالحاجة إلى الحرية أو التمتع بالحرية لا يمكن أن يتم إلا إذا عرف الإنسان أين تنتهي حدود حريته، وقد قال أحد المختصين التربويين إن المشكلات النفسية بين الناشئ لا يسببها التشدد في التأديب، بل انعدامه صحيح أن التشدد له سلبيات ويسوء أحيانا نفسية الطفل، لكن أعظم منه خطرًا انعدام التأديب، يبقى التشدد في التأديب قد يأتي بسلبيات لكن انعدام التأديب يأتي بسلبيات أكثر وأشد، ولذلك قال هارون الرشيد لمؤدب ولده الأمين ولا تمعن في مسامحته لا تتمادى في التسيب معه والتسامح وترك الحبل على الغارب، ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ، ويألف وقومَه ما استطعت في القرب والملاينة، فإن أباهما فعليك بالشدة والغلظة، يقول أيضًا