للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[علاج تدهور العلاقات بين الزوجين]

السؤال

لي زوج يضايقني ويعتدي على حقوقي إلخ، فأرجو أن تجد لي حلاً لذلك؟

الجواب

يبدو أنها صرخة استغاثة من إحدى الأخوات، خلاصتها: يظهر أنها في مشكلة مع زوجها الذي يضايقها، ويجازي الحسنة بالقهر والإذلال وبالقوة والإجبار.

وهذه من المشاكل الاجتماعية؛ لأنها أمور واقعية كلها، وتحتاج إلى توجيه، وأنا لا أحب أن أتناول هذه المشاكل بصورة جزئية؛ لأنها تحتاج إلى شيء من التفصيل، لكن عليها بدعاء الله سبحانه وتعالى أن يصلح حاله.

وأيضاً: هذه الشكوى من هذه الزوجة التي تعاني من زوجها، لابد أن يعترف الزوج رغماً عنه بها؛ لأنها ليست أمة عنده، بل هي آدمي له حقوقه وله حرمته، فإذا كان الزوج يقوم بحق الزوجة، صائناً لها، مراعياً لواجباته نحوها، فليس للأب أو للولي أن يتدخل، لكن إذا حصل خلل ولم يفلح الزوج في حل مشاكله، فمن حقها أن تشتكي إلى ولي أمرها ليتدخل في رفع عنها الظلم.

وبعض الناس يتعامل مع الزوجة على أنها أمة، وبعض الناس يتصور أنه بالزواج أصبحت المرأة شجرة يقتلعها من جذرها من بيت أهلها، ولابد أن تقطع الصلة تماماً بأهلها.

بعض الإخوة عندهم قابلية للتطرف، ولديهم غلو شديد في التعامل، وأنا تكلمت مراراً وتكراراً أن العلاقة بين الزوجين لا تحكمها المعادلات الرياضية؛ إذ ليس الموضوع أن هذه حقوقي وواجباتي وتلك حقوقك وواجباتك، بل التعامل أساساً يبنى على التراحم: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:١٩]، فمن المعروف الإحسان، ومن أفضل نساء العالمين فاطمة عليها السلام، فلما تزوجت قسمت الأعمال بينها وبين أم علي رضي الله تعالى عنه، فكان عليها وظائف البيت، وأمه لها وظائف خارج البيت، وهي بنت أشرف خلق الله عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك هل قالت: أنا بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا يليق بي هذا؟ فالمفروض أن الأساس في التعامل بين الزوجين هو التسامح والتراحم والتغافر والإحسان.

والرسول الذي هو أشرف خلق الله كان في خدمة أهله، وكان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويخدمهم في البيت، فإذا جاءت الصلاة كأنه لا يعرفهم ولا يعرفونه، تعظيماً لأمر الله! البيت ليس محكمة، ولا قسم شرطة، ولا ثكنة عسكرية يجتمع فيها جندي وضابط وعسكري، بل التراحم والتسامح والتساهل في التعامل، هو الأصل عند التنازع في الحقوق والواجبات.

فنوصي الإخوة بأن يرحموا الأخوات، ويتقوا الله سبحانه وتعالى فيهن، ويراعوا أن المرأة لها تركيباتها العاطفية والنفسية والعقلية المخالفة للرجل، ولها خصائص ينبغي أن تراعى، وأن يرحمها حتى تكون العاقبة إن شاء الله أن يرى ذلك في أولاده فيما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>