بعض الناس يجعل المال متاحاً للطفل ليسهل عليه الوصول إليه، حتى إن بعض الآباء -جهلاً منهم- يقول: أنا أرمي المال تحت قدميه؛ كي يتحصن من السرقة ولا يفكر فيها.
طبعاً هذا خطأ، والمثل العامي يقول:(المال السائب يعلم السرقة) فالمال المتاح يكون فيه نوع من الإغراء، والطفل ليس عنده النضج الكافي ليقاوم إغراء المال خاصة إذا كان محتاجاً إليه، ففي هذه الحالة المال يوضع في مكان محفوظ.
وهذا لا يتعارض مع ما قررناه سابقاً من خطأ بعض الآباء عندما يبالغون في حفظ كل شيء حتى الأشياء التافهة؛ لأن ذلك يغرس فيه حب الاستطلاع ليستكشف هذا الشيء، لكن كلامنا هنا على أن المال يكون متاحاً بصورة سهلة جداً، والذي يقول: أنا أرمي المال تحت رجليه؛ حتى يتحصن من السرقة، فهذا سوف يؤدي إلى انعدام الدافعية لتحصيل المال عندما يكبر؛ لأن المال تحت رجليه طوال العمر، فإذا كبر سينعدم الدافع لكي يجتهد في تحصيل المال، ويؤدي أيضاً إلى أنه يستهين بصرف المال في الأوجه المفيدة، والطفل إذا رأى المال أمامه طوال الوقت فإنه في هذه الحالة ستدخل عليه الوسوسة ليقدم على السرقة بطريقة تدريجية.
في بعض الأحيان يحصل نوع من التدعيم للسلوكيات المنحرفة، فمثلاً: يعود الطفل على الغش في حياته اليومية، كما حصل من بعض المدرسين: حيث قام الأولاد يغشون في الامتحان، ويتناقلون الأوراق مع بعضهم البعض، والمراقب يقول لهم: لا بأس! لا بأس! فنحن كنا نعمل مثلكم، فطبعاً هذا تدعيم للسلوك المنحرف، فالولد يرجع إلى البيت ويقول: كان هناك غش في اللجنة، فيستحسن الوالدان ذلك باعتبار أنه فك الأزمة التي هو فيها عن طريق الغش، فهذا تحطيم للطفل، بل بالعكس! يجب أن تقول له: إذا سقطت في الامتحان أهون عندي من أن تغش؛ لأنك ستحترم نفسك وأنت كذا وكذا!! فمن وسائل تدعيم سلوك التعود على الغش في الحياة اليومية أن يقوم الأب بمدح ابنه لمهارته في الغش في الامتحان أو ما شابه ذلك.
فتكوين صفة الأمانة يتم في السنوات الأولى من حياة الطفل، فنستغل دائماً أي فرصة يعتدي فيها الطفل على ملكيات الآخرين ونوجهه إلى ما يجب عمله في مثل هذه المناسبات: هذه ليست ملكك، هذا ملكه هو، ولا بد أن تذهب إلى زميلك وترجع إليه المسطرة أو ترجع إليه القلم إلى آخره.