[نصائح تربوية عامة]
نختم هذا الحديث بنصائح تربوية عامة للآباء تفيد في قضية تشاجر الأشقاء وأيضاً في غيرها إنه من الخطأ أن يتوقع الآباء أن يتصرف الأبناء بعقلية الآباء، فعقلية الآباء هي خلاصة خبراتهم وتجاربهم لسنوات طويلة، وإن نفسية الأطفال تختلف عن نفسية الكبار، ولذلك يجب على الآباء مراعاة ما يلي: - أن تحافظ الأم على هدوئها بقدر الإمكان أثناء ثورة الغضب التي يجتازها ابنها، وأن تشعره بأنها تعلم أنه غاضب، وأن من حقه أن يغضب، ولكن من الخطأ أن يعبر عن الغضب بهذا الأسلوب، وأنه يجب أن يعدل سلوكه ويصبح كالآخرين، أي: يغضب ولكن دون أن ينفعل وينفجر بالبكاء ويلجأ إلى الرفس والضرب، كما عليها أن تؤكد له دائماً أن ما فعله لن يؤثر على علاقتها به، وأنه لا يزال ابنها المحبوب لتعلمه التسامح.
- أن يكون الآباء قدوة حسنة للأطفال، فيقلعون عن عصبيتهم وثورتهم لأتفه الأمور أمام الأبناء، ويعملون جهدهم لضبط النفس قدر الإمكان حتى لا يقلدهم الأطفال، بل ينبغي عليهم استعمال الأساليب التي تلتزم جانب الهدوء والصبر والفهم في مواجهة الأمور وحلها حلاً معقولاً بالطرق السلمية، حتى يتعلم الأطفال مواجهة الحياة بأسلوب مرن حكيم غير انفعالي.
- على الآباء أن لا يذيقوا الطفل حلاوة الانتصار بتحقيق الرغبة التي انفجر الطفل باكياً من أجلها وغضب، ذلك لأن ذلك يشجعه على أن تصبح هذه طريقته، أو وسيلته المفضلة في الحصول على ما يريد.
- يجب أن يكون الآباء حذرين للغاية من ربط بين مصلحة نفعية يكسب منها الطفل امتيازاً عن طريق لجوئه إلى حدة الطبع والغضب السريع، فلا مكافأة إلا عندما يظهر سلوكاً وخلقا هادئاً وطبعاً رقيقاً.
- عدم التدخل المبالغ فيه في حياة الأبناء، وإن من الواجب اهتمام الآباء بهم ورعايتهم الرعاية اللازمة، بشرط عدم التدخل المبالغ فيه في شئونهم الخاصة، فعلى الآباء عدم التدخل المبالغ فيه في حياة الأبناء، كأن يرسموا لهم كيف ينفقون مصروف اليد وينتقوا لهم لون ملابسهم.
- إن تدخل الآباء يجب أن يكون تدخلاً مرناً بأسلوب التوجيه وليس بأسلوب الأمر الذي لابد أن يطاع، إن الطاعة العمياء بمجرد الطاعة تخلق من الطفل فرداً لا شخصية له، وعلى هذا الأساس يجب على الآباء الإقلال كلما أمكن من التدخل في أعمال الأطفال وحركاتهم، حتى لا يشعروا بكابوس الكبار، ويثوروا غضباً، أو يلجئوا إلى العناد، وحتى لا يلجئوا إلى استعمال نفس أساليب الآباء مع إخوتهم وأقرانهم من الأطفال فيتشاجرون، ولكن ليس معنى ذلك أبداً أن نترك الحبل على الغارب، خاصة فيما يتعلق بصحة الطفل أو المحافظة على حياته.
- أيضاً مساعدة الطفل قدر الإمكان في تحقيق رغباته المشروعة، والتنفيس عن مشاريعه المكبوته بمنجزات ابتكارية، وذلك بتحويل نشاط الطفل إلى بعض الهوايات، أو الأشغال اليدوية، أو التلوين، أو اللعب بالطين والصلصال والنجارة وغيرها، واللعب مع رفاق من سنه.
إن الطفل الغضوب هو في الواقع طفل عذبه الشعور بالإحباط والكبت، ومثل هذه الأنشطة تجعله ينفس عن هذا الإحباط، وإن كان قليل من الشعور بالإحباط مفيداً لبناء الشخصية السوية، وكثير منه يؤدي إلى المرض النفسي، لذلك كلما أمكننا مساعدة الطفل على اكتساب الخبرات دون إحباطه كلما أمكنه مواجهة مشاكل الحياة بأسلوب سوي.
- وكذلك عدم التوبيخ، خصوصاً أمام طفل آخر، أو أمام الضيوف، بل لا تجوز مناقشة الطفل أو مشاكله مع غيره على مسمع منه، كما لا يجوز استعمال النقد أو العنف أو الشدة كوسيلة لإرغام الطفل على طاعتنا.
- أيضاً لا يجوز أن نعبث بممتلكات الطفل أو نسمح لغيره من الأطفال بذلك، كما لا يجوز أن نحرمه منها لمجرد غضبنا منه لسبب ما، وفي الوقت نفسه لا نظهر أمامه الضعف أو التراخي أو الإهمال أو الشدة من أحد الأبوين والليونة أو التدليل من الآخر، فكلما كانت سياستنا مع الأطفال ثابتة ومرنة وبدون قلق كلما منعنا نوبات الغضب والعناد والتشاجر عند الأطفال.
- يجب أن يسود الأسرة روح التعاون والود والتسامح، فكلما شعر الطفل بالاستقرار والهدوء النفسي، وكلما وجه نشاطه وطاقته وحيويته وجهة اجتماعية تساعده على تعلم أساليب الأخذ والعطاء وتجعله ينمو نمواً سوياً، كلما كف عن أساليب الطفولة الأولى التي تتميز بالغضب والعناد والتشاجر أحياناً، وعند تشاجر الأطفال من سن متقاربة يحسن -ما أمكن- تركهم ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم، وإذا كانت هناك ضرورة لتدخل من الكبار فيجب أن تكون للتوجيه والصلح الهادئ دون تحيز لطفل.
- في الواقع أن الدراسات العلمية أثبت أن كثيراً من حالات الغضب والعناد وكثرة التشاجر عند الأطفال مرجعها في الغالب الآباء أنفسهم، أي أن الآباء كثيراً ما يكونون مصدر هذه المشاكل بسلوكهم الذي يتسم بالحزم المبالغ فيه، والسيطرة الكاملة على الطفل، ورغبتهم في طاعة أوامرهم طاعة عمياء، وبثورة الآباء وشجارهم في المنزل لأتفه الأسباب.
مثل هؤلاء الآباء يجب أن يدركوا أنه من الواجب إصلاح أنفسهم حتى يمكن إصلاح أبنائهم وعلاجهم من مشاكلهم النفسية أو السلوكية كالغضب والعناد والتشاجر، بعبارة أخرى: ينبغي الاهتمام بتربية الآباء قبل الاهتمام بتربية الأبناء.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، سبحانك -اللهم- ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.