للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مناسبات أخرى نجده - صلى الله عليه وسلم - يشجع على اختيار المرأة المتدينة الصالحة، وترجيحها على المرأة الحسناء إذا كانت تفتقد ميزة الصلاح والتدين يقول - صلى الله عليه وسلم - «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» (١) أيضًا اعتبرها النبي - صلى الله عليه وسلم - خير متاع الدنيا فقال - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» (٢).

كيف ولا وهي الوعاء الذي ينضم بين جوانبه حصيلة العطف الأبوي، فهي إذًا كالأرض المرأة مثل الأرض جودة الناتج، تابعة لجودة التربة، أرض ستوضع فيها البذور فالمرأة مثل الأرض ولذلك قال تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (٣).

فشبه الزواج بأنه بتزرع في أرض أو ترعى فيها البذور فهل يختلف اثنان في أن نوع التربة له تأثير في نوعية الحصاد أو الثمار التي تخرج، طبعًا أكيد الذين يفهمون في الزراعة يفقهون هذا المعنى جيدًا اختر الأرض التي تبذر فيها حتى لا تخيب أملك بعد ذلك، أو تنتج لك يعني زرعًا رديئًا فالمرأة كالأرض جودة الناتج تابعة لجودة التربة، وقد سئل فاروق الأمة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن حق الولد على أبيه فقال «أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه القرآن» «أن ينتقي أمه إشارة لنفس هذا المعنى اختيار الأم لا يوجد إجرائي وقائي إطلاقًا في العالم سيكون أجمل من الاهتمام بالطفل قبل أن يولد من ساعة اختيار الأم التي تكون حرثًا لهذا الزرع.

يؤكد هذه الحقوق الفقيه الشافعي الماوردي - صلى الله عليه وسلم - المتوفي سنة ٤٥٠ في كتابه نصيحة الملوك يقول: «فمن أول حق الولد أن ينتقي أمه ويتخير منهن الشريفة الدينة العفيفة العاقلة لأمورها المرضية في أخلاقها المواتية لزوجها في أحوالها، وجاء في الوصية عثمان بن ابي العاص الثقفي أحد صلحاء عصره لأولاده «يا بني النكاح مغتُرث يعني موضع غرس فلينظر امرئ حيث يضع غرسه والعرق السوء قلما ينجب فتخيروا ولو بعد حين».


(١) متفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) سنن النسائي، مسند أحمد من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، (صححه الألباني).
(٣) البقرة: ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>