للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجرد تخويف فقط ولا حقيقة وراءه، وهذا انطباع موجود عند بعض الناس حينما يذكر بمبدأ الترغيب والترهيب، لا، فالترغيب والترهيب مبدأ مؤسس في حياة كل إنسان، وهو أنه يتحمل نتائج وتبعات سلوكه الخيرة منها والشريرة.

يقول الله تبارك وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)} (١)، ويقول تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣)} (٢) وقال عز وجل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)} (٣).

فإذًا المقصود من هذا المبدأ الإسلامي الأصيل تصحيح السلوك الإنساني والرجوع به إلى الحق والصواب، والبعد به عن السيئات وعن ما يغضب الله تعالى.

أيضا العقاب في الإسلام مبني على الشفقة والرحمة بالإنسان، يقول الشاعر: قسى لي الزجر ..

لكن طبعا هذا في حق المربين من البشر، ولكن مثل هذا اللفظ لا يقال في حق الله تبارك وتعالى.

قسى لي الزجر ومن يكن راحم افليقسو أحيانا على من يرحم

فالعقاب في الإسلام ليس المقصود به إيذاء الإنسان في نفسه، وإنما المقصود الشفقة والرحمة بهذا الإنسان.

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ما معناه: «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنْ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي» (٤).

الفراش ينجذب لضوء النار ولا يعقل أن فيه هلاكه، فهكذا الإنسان حينما تجذبه الشهوات.


(١) المدثر: ٣٨.
(٢) الإسراء: ١٣.
(٣) الزلزلة: ٧.
(٤) صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.

<<  <  ج: ص:  >  >>