للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٩٤)} (١) نفس هذه العاطفة، وهي الخوف من الله سبحانه وتعالى بنيت علها معاملات إسلامية كثيرة كالنصح في البيع والشراء ورعاية اليتيم: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٩)} (٢) كحسن معاملة الزوجة والعدل بين الأولاد فكل من خاف ربه كان انسانا فاضلا عادلا في سلوكه ومعاملاته، ومن لم يستح من ربه يفعل ما يشاء بلا ضابط ولا وازع له قلب كالحجارة أو أشد قسوة.

من ذلك أيضا عاطفة الخشوع ومعناه التذلل والخضوع، والشعور بالانقياد والعبودية لله سبحانه وتعالى، والخشوع هو ثمرة الخوف من الله.

فنحن نرى في الدنيا أن الناس إذا خافوا من بعض الطواغيت الباطشين فإنهم يسارعون إلى الانقياد إلى أوامرهم والخضوع لها ولو ظاهريا ولكن الخشوع لله يمتاز عن الخضوع الظاهري بأنه مصحوب بشعور حقيقي بالتبعية لله تعالى وبطاعته والإذعان لعظمته إذعانا ناتجا عن الأعجاب بآثار إبداعه وتدبيره في هذا الكون وفي أنفسنا، يقول الله سبحانه وتعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} (٣) .. إلى آخر الآية.

بل هذا الخشوع له علامات جسدية تظهر على بدن هذا الإنسان، يقول تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٤).


(١) المائدة: ٩٤.
(٢) النساء: ٩.
(٣) الحديد: ١٦.
(٤) الزمر: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>