والراجح أن لا نقول في مثل هذه المسألة بتخصيص أحد العمومين بالأخر دون العكس بل لابد من حل النزاع بين هذه الأدلة التي بينها وعموم وخصوص وجهي في جهتي الخصوص.
فتكون المسألة التي حصل فيها التعارض بين الخاصين هي: هل الماء الكثير لا يحمل من النجاسات إلا البول فقط؟
والجواب أن الإمام أحمد توسع وأدخل مع البول العذرة المائعة، والراجح أن ذكر البول في الحديث جاء تنبيها على غيره مما يشاركه في الاستقذار، وأن غير البول من سائر النجاسات يقاس عليه كما ألحق به العذرة، بل إن بعض النجاسات أسرع تنجيسا للماء من البول.
قال ابن قدامة في "المغنى"(١/ ٣٠) مبينا وجه قياس غير البول عليه: (لأن بول الآدمي لا تزيد على نجاسة بول الكلب، وهو لا ينجس القلتين، فبول الآدمي أولى ... ولأنه لو تساوى الحديثان لوجب العدول إلى القياس على سائر النجاسات).
وعليه فالراجح أن النهي غير خاص بالبول وأن مدار التنجيس للماء القليل أو الكثير هو التغير بالنجاسة.
[تعريف الماء النجس:]
عرفه الماتن بقوله:(ما وقعت فيه نجاسة وهو قليل أو كان كثيرا وتغير بها أحد أوصافه).
إلا أن هذا الحد فيه دور لتعريفه الماء النجس بالنجاسة، كما أنه غير جامع فلا يدخل فيه أنواع من ماء النجس على المذهب:
- منها ما انفصل عن محل نجاسة متغيرا أو كان غير متغير وانفصل قبل زوالها أو قبل الغسلة السابعة بناء على وجوب السبع الغسلات، وأن النجاسة لا تزول بدونها.
وكل هذه الأنواع غير داخلة في التعريف؛ لأن النجاسة لم تقع في الماء بل الماء هو الذي ورد على النجاسة.