للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولنتوقف مع كل طريقة من هذه الطرق بشيء من التفصيل:

[الطريقة الأولى - أن يزول تغيره بنفسه:]

ويزول تغيره بنفسه أي بمكثه بدون إضافة أو نزح، والمقصود استحالة النجاسة فيه وقد سبق وأن تكلمت عن مسألة إن الماء يدفع النجاسة عن غيره، ولا يزيلها عن نفسه فراجعها.

وهنا احتمالات بعضها مرفوض، فالماء هنا قد يكون قليلا، وقد يكون كثيرا، والكثير ينقسم إلى ما يمكن نزحه وما لا يمكن نزحه.

والمُغِّير ينقسم إلى بول الآدمي وعذرته وغيرهما، فتحصل عندنا أربعة احتمالات، وهي:

الأول - أن يكون الماء قليلا، وهذا ينجس بمجرد الملاقاة ولا سبيل لتطهيره بنفسه بحال على المذهب فهذا الاحتمال غير مقصود عند الماتن.

قال إبراهيم بن مفلح في " المبدع" (١/ ٣٩): (النجس القليل لا يطهر بزوال تغيره بنفسه، لأنه علة نجاسته الملاقاة لا التغيير) (١).

الثاني - أن يكون كثيرا ويمكن نزحه، والمُغِّير بول الآدمي، أو عذرته فهذا بناء على الرواية المشهورة في المذهب من أنه يتنجس وإن لم يتغير فلا سبيل لتطهيره بنفسه.

الثالث - أن يكون كثيرا ويمكن نزحه، والمُغِّير له أي نجاسة أخرى غير بول الآدمي، أو عذرته فهنا يمكن زوال تغيره بنفسه بطول مكثه واستحالة النجاسات فيه.

قال المرداوي في " الإنصاف" (١/ ٦٤): (وإن كان مما يمكن نزحه ... وإن كان متنجسا بنجاسة غير البول والعذرة، فالصحيح من المذهب: أنه يطهر بزوال تغيره بنفسه. وقطع به جمهور الأصحاب، منهم صاحب الهداية، والمذهب، والمستوعب، والخلاصة، والكافي، والمحرر، والوجيز، والنظم، والفائق، وغيرهم. قال في الفروع والرعايتين، والحاويين: ويطهر الكثير النجس بزوال تغيره بنفسه


(١) وانظر: المغني (١/ ٢٧) لابن قدامة.

<<  <   >  >>