قال الشيخ اللبدي في "حاشيته"(ص/١٣): (الأولى أن يأتي بهذه اللفظة - أي قريبا - بعد قوله:"وهما خمسمائة رِّطْل بالعراقي" لأن الكثير قلتان تحديدا, فلو نقص عن القلتين يسيرا صار دونهما ومناط الحكم بلوغ الماء قلتين أو عدمه وأما كون القلتين خمسمائة رِّطْل بالعراقي فتقريب لا تحديد فلو نقص هذا القدر رِّطْلا أو رِّطْلين فلا يضر ويسمى قلتين لأن هذا التقدير بالنص ... ).
وكان الأولى بالشيخ اللبدي أن يوجه عبارته بدلا من توهميه.
وقد ذكر عصام القلعجي في حاشيته على منار السبيل أنه جاء في النسخة الأصل زيادة لفظ (من قِلاَلِ هَجَرَ) قال: (فحذفتها من هذه النسخة لأنها ليست من المتن) وقد بحثت عن هذه الزيادة في ثلاث نسخ خطية وفي بعض النسخ المطبوعة فلم أجدها، وقد أثبتها أيضا الشيخ ابن جبرين - رحمه الله - في النسخة التي كان يشرحها، ويكون على ذلك مراده بقوله:(تقريبا) أي كونهما من قِلاَلِ هَجَر، ولعله لم يشأ الجزم بكونها من هجر لعدم صحة ما ورد من المرفوع في تعيينها وسوف يأتي الكلام في ذلك قريبا - بإذن الله -.
وعلى اعتبار عدم وجود هذه الزيادة فظاهر العبارة مشكل، ويتجه تأويلها لمقدارهما، ووجه صحة هذا التأويل أنه يصح إطلاق الشيء وإرادة ما يحل فيه، كقولنا: الجمرة لأنها المحل الذي يرمى فيه بالجمار، وهكذا، وهو كنحو الوجه الذي أشار إليه الشيخ اللبدي، إلا أنني لم أذهب لتغيير موضع الكلمة في عبارة الشيخ مرعي.
وكل من الوجهين في الجواب عن عبارته محتمل والثاني أولى وأوجه في حمل كلامه عليه.
[سبب تسميتها قلة:]
قال ابن أبي الفتح في "المطلع"(ص: ١٨): (القلتان: واحدتهما قلة، وهي الجَرَّة، سميت بذلك؛ لأن الرجل العظيم يقلها بيديه، أي يرفعها، يقال: قل الشيء وأقله: إذا رفعه).
قال ابن قدامة في "المغني"(١/ ١٩): (القلة: هي الجَرَّة، سميت قلة لأنها تقل