للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أنه لو قصد الشارع التكليف بالمشقة لما حصل الترخيص، فالرخص الشرعية أمر مقطوع به، ومعلوم من الدين بالضرورة، وهي لرفع الحرج والمشقة الواقعة على المكلفين، كرخص القصر، والفطر والجمع بين الصلاتين.

[حكم استعمال هذا الماء الذي أشتد حره أو برده:]

والأمر لا يخلو من تفصيل:

إن احتاج لهذا الماء ولم يكن ثمَّ ضرر من استعماله ولم يمنعه من استيعاب محال الوضوء فلا كراهة فيه.

وأما إن كان ثمَّ ضرر محقق أو غالب فلا يستعمل ويعدل إلى التيمم كما فعل عمرو وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأما إن كان استعماله يؤدي إلى عدم استيعاب المحل بالغسل بأن يترك لمعا فلا يستعمل، وإن قيل بأنه يستعمله حسب قدرته فإن لم يستوعب تيمم لم يبعد.

وأما إن خلا من المحاذير السابقة بأن لم يكن ثمَّ ضرر ولم يؤد إلى عدم استيعاب الأعضاء ولكنه استعمله مع وجود غيره فينظر إن كان يقصد المشقة على نفسه فيمنع من استعماله، وأما إن لم يقصد المشقة فلا يخلو الأمر من كراهة نظرا لشدة برده أو حره مما يظن معه تضرره أو عدم إسباغه للوضوء.

[٣ - ماء سخن بنجاسة:]

قال: (أو سخن بنجاسة).

قال المرداوي في "الإنصاف" (١/ ٣٢): (محل الخلاف في المسخن بالنجاسة إذا لم يحتج إليه. فإن احتيج إليه زالت الكراهة , وكذا المشمس إذا قيل بالكراهة. قاله الشيخ تقي الدين)

أقسام الماء المسخن بالنجاسة، وبيان مأخذ الكراهة:

قال ابن قدامة في "المغني" (١/ ٢٧ - ٢٨): (الماء المسخن بالنجاسة , فهو على ثلاثة أقسام: أحدها , أن يتحقق وصول شيء من أجزاء النجاسة إلى الماء , فينجسه إذا كان يسيرا (١). والثاني , أن لا يتحقق وصول شيء من أجزاء النجاسة


(١) وسوف يأتي - بإذن الله - بيان أن الماء القليل لا ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة ما لم تغيره.

<<  <   >  >>