للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روايتهما عنه مطلقا، والصواب عندي أن قبول روايتهما عنه إنما تنفع في غير روايته عن عكرمة، فروايتهما عنه قديمة ويستفاد منها أنهما سمعا منه قبل التغير.

وقوى البعض الحديث بشاهد أبي سعيد رضي الله عنه، وهو لا يشهد لمحل النزاع وإنما يقوي الجزء المرفوع منه فقط دون أصل القصة.

الترجيح:

وقد سلك العلماء عدة مسالك في الجمع والترجيح بين هذه الأحاديث، وأولاها عندي حمل النهي على للتنزيه وقرينة الصرف أحاديث الجواز، والأحاديث التي ذكرتها في أدلة من قال بالجواز ترد على من جمع بأن النهي محمول على الخلوة.

[النوع الثالث - ماء يكره استعماله مع عدم الاحتياج إليه:]

قوله: (يكره استعماله) أي في طهارة أو في أكل وشرب، ونحو ذلك، قال الرحيباني في "مطالب أولي النهى" (١/ ٣٣): (ظاهر كلامهم) أي: الأصحاب (كراهة استعمال ماء بئر بمقبرة حتى في نحو أكل وشرب) وغيرهما).

قوله: (مع عدم الاحتياج إليه) ومفهوم المخالفة أن الكراهة تزول عند تعينه بالحاجة إليه كأن لا يوجد غيره، قال البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (١/ ١٦): (فإن لم يجد غيره تعين, وكذا يقال في كل مكروه, إذ لا يترك واجب لشبهة) (١).

[فائدة - الفريق بين ما كره لعارض وما كره لذاته:]

قال ابن مفلح في " الفروع" (١/ ٢٩٢): (قد يتوجه (٢) من صحة نفله - أي صحة نفل من صلى في غصب - إثابته عليه فيثاب على فرضه من الوجه الذي صح وإلا فلا فائدة في صحة نفله ولا ثواب لبراءة ذمته ويلزم منه يثاب على كل عبادة كرهت ويكون المراد بقولهم في الأصول المكروه لا ثواب في فعله ما كره بالذات لا بالعرض، وقد يحمل قولهم في الأصول على ظاهره ولهذا لما احتج من كره صلاة الجنازة بالخبر الضعيف الذي رواه أحمد وغيره من صلى على جنازة في المسجد فليس له من الأجر شيء.


(١) وانظر: مطالب أولى النهي (١/ ٢٩).
(٢) يعني أنه ذكر هذا القول تخريجا من عنده.

<<  <   >  >>